→ فصل: المعاصي سببها طلب اللذات | صيد الخاطر فصل: من تبع العقل سلم ابن الجوزي |
فصل: إحفظ دينك ومروءتك بترك الحرام ← |
فصل: من تبع العقل سلم
من وقف على موجب الحس هلك. ومن تبع العقل سلم، لأن مجرد الحس لا يرى إلا الحاضر وهو الدنيا. وأما العقل فإنه ينظر إلى المخلوقات، فيعلم وجود خالق منح وأباح، وأطلق وحظر. وأخبر: أني سائلكم ومبتليكم ليظهر دليل وجودي عندكم بترك ما تشتهون طاعة لي. وإني قد بنيت لكم دارا غير هذه، لإثابة من يطيع، وعقوبة من يخالف. ثم لو ترك الحس وما يشتهي مع أغراضه قرب الأمر، إنما يزني فيجلد، ويشرب الخمر فيعاقب، ويسرق فيقطع، ويفعل زلة فيفضح بين الخلق. ويعرض عن العلم إلى البطالة فيقع الندم عند حصول الجهل. ثم إنا نرى الكثير ممن عمل بمقتضى عقله، قد سلمت دنياه وآخرته، وميز بين الخلق بالتعظيم، وكان عيشه في لذات غالبا خيرا من عيش موافق لهوى. فليعتبر ذو الفهم بما قلت، وليعمل بمقتضى الدليل وقد سلم.