→ فصل: فضل العالم | صيد الخاطر فصل: أصلح الأمور الاعتدال ابن الجوزي |
فصل: لا تنون عن طلب الكمال ← |
فصل: أصلح الأمور الاعتدال
اعلم أن أصلح الأمور الاعتدال في كل شيء. وإذا رأينا أرباب الدنيا قد غلبت آمالهم وفسدت في الخير أعمالهم، أمرناهم بذكر الموت والقبور والآخرة. فأما إذا كان العالم لا يغيب عن ذكره الموت، وأحاديث الآخرة تقرأ عليه وتجري على لسانه فتذكره الموت زيادة على ذلك لا تفيد إلا انقطاعه بالمرة. بل ينبغي لهذا العالم الشديد الخوف من الله تعالى الكثير الذكر للآخرة أن يشاغل نفسه عن ذكر الموت ليمتد نفس أمله قليلا فيصنف ويعمل أعمال خير، ويقدر على طلب ولد. فأما إذا لهج بذكر الموت كانت مفسدته عليه أكثر من مصلحته. ألم تسمع أن النبي ﷺ سابق عائشة رضي الله عنها فسبقته وسابقها فسبقها، وكان يمزح ويشاغل نفسه؟ فإن مطالعة الحقائق على التحقيق تفسد البدن وتزعج النفس. وقد روي عن أحمد بن حنبل رحمه الله عليه: [ أنه سأل الله تعالى أن يفتح عليه باب الخوف ففتح عليه فخاف على عقله، فسأل الله أن يرد ذلك عنه ]. فتأمل هذا الأصل فإنه لا بد من مغالطة النفس وفي ذلك صلاحها والله الموفق والسلام.