→ فصل: الحذر من الحديث عن الناس | صيد الخاطر فصل: لا تسوف في التوبة ابن الجوزي |
فصل: عزة العلم تضع أصحابها فوق الملوك ← |
فصل: لا تسوف في التوبة
كل من يتلمح العواقب ولا يستعد لما يجوز وقوعه فليس بكامل العقل. واعتبر هذا في جميع الأحوال، مثل أن يغتر بشبابه ويدوم على المعاصي ويسوف بالتوبة. فربما أخذ بغته ولم يبلغ بعض ما أمل. وكذلك إذا سوف بالعمل أو بحفظ العلم، فإن الزمان ينقضي بالتسويف ويفوت المقصود. وربما عزم على فعل خيرا أو وقف شيء من ماله فسوف فبغت. فالعاقل من أخذ بالحزم في تصوير ما يجوز وقوعه وعمل بمقتضى ذلك. فإن امتد الأجل لم يضره، وإن وقع المخوف كان محترزا. ومما يتعلق بالدنيا أن يميل مع السلطان ويسيء إلى بعض حواشيه ثقة بقربه منه، فربما تغير ذلك السلطان فارتفع عدوه فانتقم منه. وقد يعادي بعض الأصدقاء ولا يبالي به لأنه دونه في الحالة الحاضرة. فربما صعدت مرتبة ذلك فاستوفى ما أسفله إليه من القبيح وزاد. فالعاقل من نظر فيما يجوز وقوعه ولم يعاد أحدا. فإن كان بينهما ما يوجب المعاداة كتم ذلك، فإن صح له أن يثب على عدوه فينتقم منه انتقاما يبيحه الشرع جاز على أن العفو أصلح في باب العيش. ولهذا ينبغي أن يخدم البطال، فإنه ربما عمل فعرف ذلك لمن خدم. وقس على أنموذج ما ذكرته من جميع الأحوال.