→ فصل: البصر في العواقب | صيد الخاطر فصل: متاع الغرور ابن الجوزي |
فصل: الحذر طريق السلامة ← |
فصل: متاع الغرور
من تفكر بعواقب الدنيا، أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر. ما أعجب أمرك يا من يوقن بأمر ثم ينساه، ويتحقق ضرر حال ثم يغشاه. وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه. تغلبك نفسك على ما تظن، ولا تغلبها على ما تستيقن. أعجب العجائب، سرورك بغرورك، وسهوك في لهوك، عما قد خبىء لك. تغتر بصحتك وتنسى دنو السقم، وتفرح بعافيتك غافلا عن قرب الألم. لقد أراك مصرع غيرك مصرعك، وأبدى مضجع سواك ـ قبل الممات ـ مضجعك. وقد شغلك نيل لذاتك، عن ذكر خراب ذاتك:
كأنك لم تسمع بأخبار من مضى ولم تر في الباقين مايصنع الدهر
فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم محاها مجال الريح بعدك والقبر
كم رأيت صاحب منزل ما نزل لحده، حتى نزل. وكم شاهدت والي قصر وليه عدوه لما عزل. فيا من كل لحظة إلى هذا يسري، وفعله فعل من لا يفهم لو لا يدري.
وكيف تنام العين وهي قريرة ولم تدر من أي المحلين تنزل