→ فصل: عاقبة الصبر ونهاية الهوى | صيد الخاطر فصل: لا يصلح العلم مع قلة العمل ابن الجوزي |
فصل: نورالقلب يلبه المريد ← |
فصل: لا يصلح العلم مع قلة العمل
رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب، إلا أن يمزح بالرفائق والنظر في سير السلف الصالحين، لأنهم تناولوا مقصود النقل. وخرجوا عن صور الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها والمراد بها. وما أخبرتك بهذا إلا بعد معالجة وذوق لأني وجدت المحدثين وطلاب الحديث همة أحدهم في الحديث العالي وتكثير الأجزاء. وجمهور الفقهاء في علوم الجدل وما يغالب به الخصم. وكيف يرق القلب مع هذه الأشياء؟ وقد كان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سمته وهديه. لا لاقتباس علمه. وذلك أن ثمرة علمه هديه وسمته، فافهم هذا وأمزج طلب الفقه والحديث بمطالعة سير السلف والزهاد في الدنيا، ليكون سببا لرقة قلبك. وقد جمعت لكل واحد من مشاهير الأخيار كتابا فيه أخباره وآدابه. فجمعت كتابا في أخبار الحسن، وكتابا في أخبار سفيان الثوري، وإبراهيم بن أدهم، وبشر الحافي، وأحمد بن حنبل، ومعروف، وغيرهم من العلماء والزهاد، والله الموفق للمقصود. ولا يصلح العمل مع قلة العلم. فهما في ضرب المثل كسائق وقائد، والنفس بينهما حرون، ومع جد السائق والقائد ينقطع المنزل، ونعوذ بالله من الفتور.