→ فصل: التشاغل بالمعاش | صيد الخاطر فصل: لا يغني حذر عن قدر ابن الجوزي |
فصل: اللذات الحسية ← |
فصل: لا يغني حذر عن قدر
ينبغي للعاقل أن يحرز غاية ما يمكنه، فإذا جرى القدر مع احترازه لم يلم. والإحتراز ينبغي من كل شيء يمكن ووقوعه، وأخذ العدة لذلك واجب، وهذا يكون في كل حال، فقد قص رجل ظفره فجار عليه فخبثت يده فمات. ومر شيخنا أحمد الحربي هو راكب بمكان ضيق فتطأطأ على السرج فإنعصر فؤاده، فمرض فمات. وكان يحي بن نزار شيخا يحضر مجلسي قد طرق عليه ثقل الأذن، فاستدعى طرقيا فمص أذنه فجرى شيء من مخه فمات. وأنظر إلى إحتراز رسول الله ﷺ حين مر على حائط مائل فأسرع. وينبغي أن يحترز بالكسب في زمن شبابه إدخارا لزمن شيبه. ولا ينبغي أن يثق بمعامل إلا بوثيقة. يبادر بالوصية مخافة أن يطرقه الموت، ويحتزر من صديقه فضلا عن عدوه. ولا يثق بمودة من قد آذاه هو فإن الحقد في القلوب قلما يزول. وليحترز من زوجته، فربما أطلعها على سره، ثم طلقها فيتأذى بما تفعل به. وقد كان ابن أفلح الشاعر يكاتب رئيسا في زمن المسترشد فعلم بذلك بوابه، وأتفق أنه صرف بوابه فنم عليه ونقضت داره. فهذه المذكرات أمثلة تنبه على ما لم يذكر. وأهم الكل أن يحترز بأخذ العدة، وتحقيق التوبة، قبل أن يهجم عليه ما لا يؤمن هجومه. وليحذر من لص الكسل، فإنه محتال على سرقة الزمان.