→ فصل: رؤية حقيقة الأشياء | صيد الخاطر فصل: إذا خفيت الحكمة وجب التسليم ابن الجوزي |
فصل: جلال العبادة وجمال العابدين ← |
فصل: إذا خفيت الحكمة وجب التسليم
إن قال قائل: أي فائدة في خلق ما يؤذي؟ فالجواب أنه قد ثبتت حكمة الخالق، فإذ خفيت في بعض الأمور وجب التسليم. ثم إن المستحسنات في الجملة أنموذج ما أعد من الثواب. والمؤذيات أنموذج ما أعد من العقاب. وما خلق شيء يضر إلا وفيه منفعة. قيل لبعض الأطباء: إن فلانا يقول: أنا كالعقرب أضر لا أنفع. فقال: ما أقل علمه. إنها لتنفع إذا شق بطنها ثم شد على موضع اللسعة. وقد تجعل في جوف فخار مسدود الرأس مطبق الجوانب، ثم يوضع الفخار في تنور فإذا صارت رمادا سقى من ذلك الرماد مقدار نصف دانق أو أكثر من به الحصاة فيفتها من غير أن يضر بشيء من سائر الأعضاء. وقد تلسع العقرب من به حمى عتيقة فتزول. ولسعت رجلا مفلوجا فزال عنه الفالج. وقد تلقى في الدهن حتى يجتذب قواها، فيزيل ذلك الدهن الأورام الغليظة، ومثل هذا كثير. فالجاهل عدو لما جهله، وأكبر الحماقة رد الجاهل على العالم.