→ فصل: هل يرد الاعتراض الأقدار | صيد الخاطر فصل: الجزاء من جنس العمل ابن الجوزي |
فصل: تذكر الموت ← |
فصل: الجزاء من جنس العمل
لا ينبغي للمؤمن أن ينزعج من مرض أو نزول موت، وإن كان الطبع لا يملك. إلا أنه ينبغي له التصبر مهما أمكن، إما لطلب الأجر بما يعاني، أو لبيان أثر الرضى بالقضاء، وما هي إلا لحظات ثم تنقضي. وليتفكر المعافي من المرض في الساعات التي كان يقلق فيها أين هي في زمان العافية؟ ذهب البلاء وحصل الثواب. كما تذهب حلاوة اللذات المحرمة ويبقى الوزر. ويمضي زمان التسخط بالأقدام، ويبقى العتاب. وهل الموت إلا آلام تزيد فتعجز النفس عن حملها فتذهب. فليتصور المريض وجود الراحة بعد رحيل النفس، وقد هان ما يلقى، كما يتصور العافية بعد شرب الشربة المرة. ولا ينبغي أن يقع جزع بذكر البلى، فإن ذلك شأن المركب، أما الراكب ففي الجنة أو في النار. وإنما ينبغي أن يقع الاهتمام الكلي بما يزيد في درجات الفضائل قبل نزول المعوق عنها. فالسعيد من وفق لاغتنام العافية. ثم يختار تحصيل الأفضل فالأفضل في زمن الإغتنام. وليعلم أن زيادة المنازل في الجنة على قدر التزيد من الفضائل ههنا، والعمر قصير، والفضائل كثيرة، فاليبالغ في البدار. فيا طول راحة التعب، ويا فرحة المغموم، ويا سرور المحزون. ومتى تخايل دوام اللذة في الجنة من غير منغص ولا قاطع، هان عليه كل بلاء وشدة.