→ فصل: طبيعة الزمن | صيد الخاطر فصل: جاهد هواك ابن الجوزي |
فصل: سر إجابة الدعاء ← |
فصل: جاهد هواك
تأملت أمرا عجيبا، وأصلا ظريفا، وهو انهيال الابتلاء على المؤمن، وعرض صورة اللذات عليه مع قدرته على نيلها. وخصوصا ما كان في غير كلفة من تحصيله كمحبوب موافق في خلوة حصينة. فقلت: سبحان الله، ههنا يبين أثر الإيمان لا في صلاة ركعتين. والله ما صعد يوسف عليه السلام ولا سعد إلا في مثل ذلك المقام، فبالله عليكم يا إخواني، تأملوا حاله لو كان وافق هواه، من كان يكون؟ وقيسوا بين تلك الحالة، وحالة آدم عليه السلام، ثم زنوا بميزان العقل عقبي تلك الخطيئة، وثمرة هذا الصبر، واجعلوا فهم الحال عدة لكم عند كل مشتهى. وإن اللذات لتعرض على المؤمن، فمتى لقيها في صف حربه وقد تأخر عنه عسكر التدبر للعواقب هزم. وكأني أرى الواقع في بعض أشراكها، ولسان الحال يقول له: قف مكانك، أنت وما إخترت لنفسك. فغاية أمره الندم والبكاء. فإن أمن إخراجه من تلك الهوة لم يخرج إلا مدهونا بالخدوش. وكم من شخص زلت قدمه، فما ارتفعت بعدها. ومن تأمل ذل إخوة يوسف عليهم السلام يوم قالوا: وتصدق علينا عرف شؤم الزلل. ومن تدبر أحوالهم قاس ما بينهم وبين أخيهم من الفروق. وإن كانت توبتهم قبلت، لآنه ليس من رقع وخاط، كمن ثوبه صحيح. ورب عظم هيض لم ينجبر، فإن جبر فعلى وهي. فتيقظوا إخواني لعرض المشتبهات على النفوس، واستوثقوا من لجم الخيل، وانتبهوا للغيم إذا تراكم بالصعود إلى تلعة. فربما مد الوادي فراح بالركب.