→ فصل: أولياء الله | صيد الخاطر فصل: ذلك مبلغهم من العلم ابن الجوزي |
فصل: الله لا يقبل إلا الطيب ← |
فصل: ذلك مبلغهم من العلم
أكثر الخلائق على طبع ردىء لا تقومه الرياضة. لا يدرون لم خلقوا ولا ما المراد منهم. وغاية همتهم حصول بغيتهم من أغراضهم. ولا يسألون عند نيلها ما اجتلبت لهم من ذم. يبذلون العرض دون الغرض، ويؤثرون لذة ساعة، وإن اجتلبت زمان مرض. يلبسون عند التجارات ثياب محتال، في شعار مختال، ويلبسون في المعاملات، ويسترون الحال. إن كسبوا فشبهة وإن أكلوا فشهوة. ينامون الليل وإن كانوا نياما بالنهار في المعنى، ولا نوم إلا بهذه الصورة. فإذا أصبحوا سعوا في تحصيل شهواتهم بحرص خنزير، وتبصبص كلب، وافتراس أسد، وغارة ذئب، وروغان ثعلب. ويتأسفون عند الموت على فقد الهوى، لا على عدم التقوى. ذلك مبلغهم من العلم. كيف يفلح من يؤثر ما يراه بعينه على ما يبصره بعقله، وما يدركه ببصره أعز عنده مما يراه ببصيرته. تالله لو فتحوا أسماعهم لسمعوا هاتف الرحيل في زمان الإقامة يصيح في عرصات الدنيا: تلمحوا تقويض خيام الأوائل. لكن غمرهم سكر الجهالة، فلم يفيقوا إلا بضرب الحد.