→ فصل: نورالقلب يلبه المريد | صيد الخاطر فصل: كم من محتقر احتيج إليه ابن الجوزي |
فصل: في القناعة سلامة الدنيا والدين ← |
فصل: كم من محتقر احتيج إليه
مما أفادتني تجارب الزمان أنه لا ينبغي لأحد أن يظاهر بالعداوة أحدا ما إستطاع، فإنه ربما يحتاج إليه مهما كانت منزلته. وإن الإنسان ربما لا يظن الحاجة إلى مثله يوما ما كما يحتاج إلى عويد منبوذ لا يلتفت إليه. لكن كم من محتقر احتيج إليه. فإذا لم تقع الحاجة إلى ذلك الشخص في جلب نفع وقعت الحاجة في دفع ضر. ولقد إحتجت في عمري إلى ملاطفة أقوام ما خطر لي لي قط وقوع الحاجة إلى التلطف بهم. واعلم أن المظاهرة بالعداوة قد تجلب أذى من حيث لا يعلم. لأن المظاهر بالعداوة كشاهر السيف ينتظر مضربا. وقد يلوح منه مضرب خفي، وإن إجتهد المتدرع في ستر نفسه فيغتنمه ذلك العدو. فينبغي لمن عاش في الدنيا أن يجتهد في ألا يظاهر بالعداوة أحدا لما بينت من وقوع إحتياج الخلق بعضهم إلى بعض، وإقدار بعضهم على ضرر بعض. وهذا فصل مفيد تبين فائدته للإنسان مع تقلب الزمان.