→ فصل: أنفس الأشياء معرفة الله | صيد الخاطر فصل: البدار أيها المسنون ابن الجوزي |
فصل: تذكر أحوال الرسول ﷺ ← |
فصل: البدار أيها المسنون
من علم قرب الرحيل عن مكة، استكثر من الطواف، خصوصا إن كان لا يؤمل العود لكبر سنه وضعف قوته. فكذلك ينبغي لمن قاربه ساحل الأجل بعلو سنه أن يبادر اللحظات، وينتظر الهاجم بما يصلح له. فقد كان في قوس الأجل منزع زمان الشباب، واسترخى الوتر في المشيب عن سية القوس، فانحدر إلى القلب وضعفت القوى. وما بقي إلى الإستسلام لمحارب التلف، فالبدار البدار أن يؤثر إلى أن التنظيف ليكون القدوم على طهارة. وأي عيش في الدنيا يطيب لمن أيامه السليمة تقربه إلى الهلاك، وصعود عمره نزول عن الحياة وطول بقائه نقص مدى المدة، فليتفكر فيما بين يديه، وهو أهم مما ذكرناه. أليس في الصحيح: ما منكم أحد إلا ويعرض عليه مقعدة بالغداة والعشي من الجنة والنار فيقال: هذا مقعدك حتى يبعث الله. فوا أسفا لمهدد، لم يحسن التأهب، ويا طيب عيش الموعود بأزيد المنى. وليعلم من شارف السبعين، أن النفس أنين، أعان الله من قطع عقبة العمر على رمل زرود الموت.