→ فصل: احتقار الأعمال والاعتذار عن التقصير | صيد الخاطر فصل: المؤمن هو من إذا اشتد البلاء زاد إيمانا ابن الجوزي |
فصل: خطر علم الكلام على العامة ← |
فصل: المؤمن هو من إذا اشتد البلاء زاد إيمانا
ليس المؤمن بالذي يؤدي فرائض العبارات صورة، ويتجنب المحظورات فحسب. إنما المؤمن هو الكامل الإيمان، لا يختلج في قلبه اعتراض، ولا يساكن نفسه فيما يجري وسوسة. وكلما اشتد البلاء عليه زاد إيمانه وقوي تسليمه. وقد يدعو فلا يرى للإجابة أثرا، وسره لا يتغير لأنه يعلم أنه مملوك وله مالك يتصرف بمقتضى إرادته. فإن اختلج في قلبه اعتراض خرج من مقام العبودية إلى مقام المناظرة، كما جرى لإبليس. والإيمان القوي يبين أثره عند قوة البلاء. فأما إذا رأينا مثل يحيى بن زكريا تسلط عليه فاجر فيأمر بذبحه فيذبح وربما اختلج في الطبع أن يقول فهلا ردعنه من جعله نبيا؟. وكذلك كل تسلط من الكفار على الأنبياء والمؤمنين وما وقع رد عنهم، فإن هجس بالكفر أن القدرة تعجز عن الرد عنهم كان كفرا. وإن علم أن القدرة متمكنة من الرد وما ردت ويجوع المؤمن ويشبع الكفار، ويعافي العصاة. ويمرض المتقين، لم يبق إلا التسليم للمالك وإن أمض وأرمض. وقد ذهب يوسف بن يعقوب عليهما السلام فبكى يعقوب ثمانين سنة ثم لم ييأس، فلما ذهب ابنه الآخر قال: عسى الله أن يأتيني بهم جميعا. وقد دعا موسى عليه السلام على فرعون، فأجيب بعد أربعين سنة. وكان يذبح الأنبياء ولا ترده القدرة القديمة العظيمة، وصلب السحرة، وقطع أيديهم. وكم من بلية نزلت بمعظم القدر، فلما زاده ذلك إلا تسليما ورضى فهناك يبين معنى قوله: ورضوا عنه وههنا يظهر قدر قوة الإمان لا في ركعات. قال الحسن البصري: [ استوى الناس في العافية، فإذا نزل البلاء تباينوا ].