→ فصل: يخلق ما يشاء ويختار | صيد الخاطر فصل: القرآن والسنة أساس الدين ابن الجوزي |
فصل: مسند الإمام أحمد وما فيه من الأحاديث ← |
فصل: القرآن والسنة أساس الدين
علم الحديث هو الشريعة، لأنه مبين للقرآن وموضح للحلال والحرام وكاشف عن سيرة رسول الله ﷺ وسير أصحابه. وقد مزجوه بالكذب، وأدخلوا في المنقولات كل قبيح. فإذا وفق الزاهد والواعظ لم يذكرا إلا ما شهد بصحته. وإن حرما التوفيق، عمل الزاهد بكل حديث يسمعه لحسن ظنه بالرواة، وقال الواعظ كل شيء يراه الجهلة بالتصحيح، ففسدت أحوال الزاهد، وانحرف عن جادة الهدى، وهو لا يعلم. كيف لا وعموم الأحاديث الدالة على الزاهد لا تثبت، مثل حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أيما امرىء مسلم اشتهى شهوة فرد شهوته وآثر على نفسه غفر له. وهذا حديث موضوع، يمنع الإنسان ما أبيح مما يتقوى به على الطاعة. ومثل قوله: من وضع ثيابا حسنا، وكذلك ما رووا إن رسول الله ﷺ قدم له أدمان فقال: أدمان في قدح، لا حاجة لي فيه، أكره أن يسألني الله عن فضول الدنيا. وفي الصحيح: أن رسول الله ﷺ: أكل البطريخ بالرطب ومثل هذا إذا تتبع كثير فقد بنوا على فساد، ففسدت أحوال الواعظ والموعوظ، لأنه يبني كلامه على أشياء فاسدة ومحالات. ولقد كان جماعة من المتزهدين يعملون على أحاديث ومقولات لا تصح فيضيع زمانهم في غير المشروع. ثم ينكرون على العلماء استعمالهم للمباحات، ويرون أن التجفف هو الدين. وكذلك الوعاظ يحدثون الناس بما لا يصح عن الرسول ﷺ ولا أصحابه، فقد صار المحال عندهم شريعة. فسبحان من حفظ هذه الشريعة بأخبار ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين.