→ فصل: العاقل من تبصر في عواقبه | صيد الخاطر فصل: لا تيأس من روح الله ابن الجوزي |
فصل: المعاصي سببها طلب اللذات ← |
فصل: لا تيأس من روح الله
يبين إيمان المؤمن عند الإبتلاء، فهو يبالغ في الدعاء ولا يرى أثرا للإجابة، ولا يتغير أمله ورجاؤه ولو قويت أسباب اليأس، لعلمه أن الحق أعلم بالمصالح. أو لأن المراد منه الصبر أو الإيمان، فإنه لم يحكم عليه بذلك إلا وهو يريد من القلب التسليم لينظر كيف صبره أو يريد كثرة اللجأ والدعاء. فأما من يريد تعجيل الإجاية ويتذمر إن لم تتعجل، فذاك ضعيف الإيمان، يرى أن له حقا في الإجابة، كأنه يتقاضى أجرة عمله. أما سمعت قصة يعقوب عليه السلام: بقي ثمانين سنة في البلاء ورجاؤه لا يتغير، فلما ضم إلى فقد يوسف بنيامين لم يتغير أمله وقال: [ عسى الله أن يأتيني بهم جميعا ]. وقد كشف هذا المعنى قوله تعالى: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب. ومعلوم أن هذا لا يصدر من الرسول والمؤمنين إلا بعد طول البلاء وقرب اليأس من الفرج. ومن هذا قول رسول الله ﷺ: لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل، قيل له: وما يستعجل؟ قال: يقول: دعوت فلم يستجب لي. فإياك إياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء، فإنك مبتلى بالبلاء، متعبد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح الله وإن طال البلاء.