→ فصل: قياس الغائبات على الحاضر تخليط للعقيدة | صيد الخاطر فصل: الرضى بتدبير الله ابن الجوزي |
فصل: الجنة ودرجاتها ← |
فصل: الرضى بتدبير الله
ينبغي للمؤمن بالله سبحانه إذا نظر في الفصل الذي قد تقدم هذا ألا يعترض على الله سبحانه في شيء لا في باطنه ولا في ظاهره، ولا يطلب تعليلات أفعاله كلها. فإن المتكليمن أعرضوا عن السنن وتكلموا بآرائهم، فما صفى لهم شرب، بدليل إختلافهم. وكذلك إضمار القياس، فإنهم لما أعلموه جاءت أحاديث تفكر عليهم. والصواب التعليل لما يمكن، والتسليم لما يخفى. وكذلك سؤال الحق سبحانه، فإذا دعاه المؤمن ولم ير إجابة سلم وفوض وتأول للمنع. فيقول: ربما يكون المنع أصلح، وربما يكون لأجل ذنوبي، وربما يكون التأخير أولى، وربما لم يكن هذا مصلحة. وإذا لم يجد تاويلا لم يختلج في باطنه نوع اعتراض، بل يرى أنه قد تعبد بالدعاء فإن أنعم عليه فيفضلن وإن لم يحب فمالك يفعل ما يشاء. على أن أكثر السؤال إنما يقع في طلب أغراض الدنيا التي إذا ردت كان أصلح. فليكن هم العاقل في إقامة حق الحق والرضى بتدبير وإن أساء. فمتى أقبلت عليه أقبل على إصلاح شأنك. إذا عرفت أنه كريم فلذ به ولا تسأل. ومتى أقبلت على طاعاته فمحال أن يجود صانع وينصح في العمل ثم لا يعطي الأجرة.