→ فصل: الكمال قليل الوجود | صيد الخاطر فصل: في التسليم يظهر جواهر الرجال ابن الجوزي |
فصل: الله ينظر كيف تعملون ← |
فصل: في التسليم يظهر جواهر الرجال
ليس في الدنيا أبله ممن يريد معاملة الحق سبحانه على بلوغ الأغراض. فأين تكون البلوى إذن؟. لا والله لا بد من انعكاس المرادات، ومن توقف أجوبة السؤالات، ومن تشفي الأعداء في أوقات. فأما من يريد أن تدوم له السلامة والنصر على من يعاديه، والعافية من غير بلاء، فما عرف التكليف، ولا فهم التسليم. أليس الرسول ﷺ ينصر يوم بدر ثم يجري عليه ما جرى يوم أحد.. أليس يصد عن البيت ثم قهر بعد ذلك. فلا بد من جيد وردىء والجيد يوجب الشكر، والردىء يحرك إلى السؤال والدعاء. فإن امتنع الجواب، أريد نفوذ البلاء، والتسليم للقضاء. وههنا يبين ما الإيمان، ويظهر في التسليم جواهر الرجال. فإن تحقق التسليم باطنا وظاهرا فذلك شأن الكامل. وإن وجد الباطن انعصار من القضاء لا من المقضي ـ فإن الطبع لا بد أن ينفر من المؤذى دل ـ على ضعف المعرفة. فإن خرج الأمر إلى الاعتراض باللسان، فتلك حال الجهال، نعوذ بالله منها.