→ فصل: الرجل هو من يراعي حفظ الحدود وإخلاص العمل | صيد الخاطر فصل: مساعد الظالم ظالم مثله ابن الجوزي |
فصل: الحسد طبيعة في الإنسان فقومها ← |
فصل: مساعد الظالم ظالم مثله
رأيت خلقا يفرطون في أديانهم ثم يقولون: إحملونا إذا متنا إلى مقبرة أحمد. أتراهم ما سمعوا أن رسول الله ﷺ إمتنع من الصلاة على من عليه دين وعلى الغال وقال: ما ينفعه صلاتي عليه. ولقد رأيت أقواما من العلماء حملهم حب الصيت على أن إستخرجوا إذنا من السلطان، فدفنوا في دكة أحمد بن حنبل، وهم يعلمون أن هناك خلقا رفات بعضهم على بعض. وما فيهم إلا من يعلم أنه ما يستحق القرب من مثل ذلك. فأين إحتقار النفوس؟ أما سمعوا أن عمر بن عبد العزيز، قيل له: تدفن في الحجرة؟ فقال: لأن ألقى الله بكل ذنب ما خلا الشرك أحب إلي من أرى نفسي أهلا لذلك. لكن العادات، وحب الرياسة غلبت على هؤلاء، فبقي العلم يجري على الألسن عادة لا للعمل به. ثم آل الأمر إلى جماعة خالطوا السلاطين وباشروا الظلم، يزاحمون على الدفن بمقبرة أحمد ويوصون بذلك. فليتهم أوصوا بالدفن في موضع فارغ، إنما يدفنون على موتي. ويخرج عظام أولئك فيحشون على ما ألقوا من الظلم حتى في موتهم، وينسون أنهم كانوا من أعوان الظلمة. أترى ما علموا أن مساعد الظالم ظالم، وفي الحديث: كفي بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة. قال السجان لأحمد بن حنبل: هل أنا من أعوان الظلمة؟ فقال: [ لا، أنت من الظلمة، إنما أعوان الظلمة من أعانك في أمره ].