→ فصل: البعد عمن كان همه الدنيا | صيد الخاطر فصل: زيارة الصالحين تجلو القلب ابن الجوزي |
فصل: أولياء الله ← |
فصل: زيارة الصالحين تجلو القلب
كان المريد في بداية الزمان إذا أظلم قلبه أو مرض لبه قصد زيادة بعض الصالحين، فانجلى ما أظلم. واليوم متى حصلت ذرة من الصدق لمريد فردته في بيت عزلة، ووجد نسيما من روح العافية ونورا في باطن قلبه، وكاد همه يجتمع، وشتاته ينتظم، فخرج فلقى من يومئ إليه بعلم أو زهد رأى عند البطالين يجري معهم في مسلك الهذيان الذي لا ينفع. ورأى صورته صورة منمس وأهون ما عليه تضييع الأوقات في الحديث الفارغ. فما يرجع المريد عن ذلك الوطن إلا وقد إكتسب ظلمة في القلب، وشتاتا في العزم، وغفلة عن ذكر الآخرة، فيعود مريض القلب، يتعب في معالجته أياما كثيرة حتى يعود إلى ما كان فيه. ربما لم يعد، لأن المريد فيه ضعف. فإنه إذا رأى شيخا قد جرب وعرف ثم يؤثر البطالة، لم يأمن أن يتبعه الطبع. فالأولى للمريد اليوم ألا يزور إلا المقابر، ولا يقاوض إلا الكتب، التي قد حوت محاسن القوم. وليستعن بالله تعالى على التوفيق لمراضيه، فإنه إن أراده هيأه لما يرضيه.