→ فصل: الحكمة الإلهية | صيد الخاطر فصل: فضل العالم ابن الجوزي |
فصل: أصلح الأمور الاعتدال ← |
فصل: فضل العالم
من أراد أن يعرف رتبة العلماء على الزهاد، فلينظر في رتبة جبريل وميكائيل ومن خص من الملائكة بولاية تتعلق بالخلق، وباقي الملائكة قيام للتعبد في مراتب الرهبان في الصوامع. وقد حظي أولئك بالتقريب على مقادير علمهم بالله تعالى. فإذا أمر أحدهم بالوحي إنزعج أهل السماء حتى يخبرهم بالخبر: حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق. كما انزعج الزاهد من حديث يسمعه سأل العلماء عن صحته ومعناه. فسبحان من خص فريقا بخصائص شرفوا بها على جنسهم. ولا خصيصة أشرف من العلم. بزيادته صار آدم مسجودا له، وبنقصانه صارت الملائكة ساجدة. فأقرب الخلق من الله العلماء، وليس العلم بمجرد صورته هو النافع، بل معناه، وإنما ينال معناه من تعلمه للعمل به. فكلما دله على فضل اجتهد في نيله، وكلما نهاه عن نقص بالغ في مباعدته فحينئذ يكشف العلم له سره، ويسهل عليه طريقه، فيصير كمجتذب يحث الجاذب، فإذا حركه عجل في سيره. والذي لا يعمل بالعلم لا يطلعه العلم على غروره، ولا يكشف له عن سره، فيكون كمجذوب لجاذب جاذبه. فافهم هذا المثل، وحسن قصدك، وإلا فلا تتعب.