→ فصل: من أعمالكم سلط عليكم | صيد الخاطر فصل: المقارنة بين علماء الدنيا وعلماء الآخرة ابن الجوزي |
فصل: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ← |
فصل: المقارنة بين علماء الدنيا وعلماء الآخرة
تأملت التحاسد بين العلماء، فرأيت منشأه من حب الدنيا، فإن علماء الآخرة يتوادون ولا يتحاسبون، كما قال عز وجل: ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا. وقال الله تعالى: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا. وقد كان أبو الدرداء: يدعو كل ليلة من إخوانه. وقال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي: أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر. والأمر الفارق بين الفئتين: أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرياسة فيها، ويحبون كثرة الجمع والثناء. وعلماء الآخرة، بمعزل من إيثار ذلك، وقد كانوا يتخوفونه، ويرحمون من بلي به. وكان النخعي، لا يستند إلى سارية. وقال علقمة: أكره أن يوطأ عقبي. ويقال علقمة. وكان بعضهم، إذا جلس إليه أكثر من أربعة، قام عنهم. وكانوا يتدافعون الفتوى، ويحبون الخمول، مثل القوم كمثل راكب البحر، وقد خب، فعنده شغل إلى أن يوقن بالنجاة. وإنما كان بعضهم يدعوا لبعض، ويستفيد منه لأنهم ركب تصاحبوا فتوادوا، فالأيام والليالي مراحلهم إلى سفر الجنة.