→ فصل: في فضل العالم والعامل | صيد الخاطر فصل: لا نأمن مكر الله ابن الجوزي |
فصل: التلطف بالنفس ← |
فصل: لا نأمن مكر الله
سبحان الملك الغظيم الذي من عرفه خافه، وما أمن مكره قط ما عرفه. لقد تأملت أمرا عظيما، إنه عز وجل يمهل حتى كأنه يهمل، فترى أيدي العصاة مطلقة كأنه لا مانع. فإذا زاد الإنبساط، ولم ترعو العقول، أخذ أخذ جبار. وإنما كان ذلك الإمهال ليبلو صبر الصابر، وليملي في الإمهال للظالم، فيثبت هذا على صبره، ويجزي هذا بقبيح فعله. مع أن هنالك من الحلم في طي ذلك ما لا نعلمه. فإذا أخذ عقوبة، رأيت على كل غلطة تبعة. وربما جمعت فضرب العاصي بالحجر الدامغ. وربما خفي على الناس سبب عقوبته، فقيل فلان من أهل الخير فما وجه ماجرى له؟ فيقول القدر: حدود لذنوب خفية، صار إستيفاؤها ظاهرا. فسبحان من ظهر حتى لا خفاء به، وإستتر حتى كأنه لا يعرف. وأمهل حتى طمع في مسامحته، وناقش حتى تحيرت العقول من مؤاخذته، لا حول ولا قوة إلا با الله.