→ فصل: سمة العصاة | صيد الخاطر فصل: الزم باب مولاك ابن الجوزي |
فصل: كن حكيما إزاء النعم ← |
فصل: الزم باب مولاك
ينبغي للعاقل أن يلازم باب مولاه على كل حال وأن يتعلق بذيل فضله إن عصى وإن أطاع. وليكن له أنس في خلوته به، فأن وقعت وحشة فليجتهد في رفع الموحش كما قال الشاعر:
أمستوحش أنت مما جنيت فأحسن إذا شئت واستأنس
فإن رأى نفسه مائلا إلى الدنيا طلبها منه، أو إلى الآخرة سأله التوفيق للعمل لها. فإن خاف ضرر ما يرومه من الدنيا سأل الله إصلاح قلبه، وطب مرضه فإنه إذا صلح لم يطلب ما يؤذيه. ومن كان هكذا كان في العيش الرغد، غير أن من ضرورة هذه الحال ملازمة التقوى، فإنه لا يصلح الأنس إلا بها. وقد كان أرباب التقوى يتشاغلون عن كل شيء إلا عن اللج والسؤال. وفي الخبر: أن قتيبة بن مسلم لما صاف الترك هاله أمرهم فقال: أين محمد بن واسع؟ فقيل: هو في أقصى الميمنة جنح على سية قوسه، يومي بأصبعه نحو السماء، فقال قتيبة: تلك الإصبع الفاردة أحب إلي من مائة ألف سيف شهير، وسنان طرير، فلما فتح عليهم قال له: ما كنت تصنع؟ قال: آخذ لك بمجامع الطرق.