→ فصل: دعوى المعرفة مع العبد عن العرفان | صيد الخاطر فصل: إنما يتباين الناس بنزول البلاء ابن الجوزي |
فصل: صفة العارف ← |
فصل: إنما يتباين الناس بنزول البلاء
من عاش مع الله عز وجل طيب النفس في زمن السلامة خفت عليه في زمن البلاء، فهناك المحك. إن الملك عز وجل بينا يعطي نقص، وبينا يعطي سلب، فطيب النفس والرضى هناك يبين. فأما من تواصلت لديه النعم فإنه يكون طيب القلب لتواصلها، فإذا مسته نفحة من البلاء فبعيد ثيابه. قال الحسن البصري: [ كانوا يتساوون في وقت النعم فإذا نزل البلاء تباينوا ]. فالعقل من أعد ذخرا، وحصل زادا، من العدد للقاء حرب البلاء. ولا بد من لقاء البلاء، ولو لم يكن إلا عند صرعه الموت، فإنها إن نزلت والعياذ بالله فلم تجد معرفة توجب الرضى أو الصبر، أخرجت إلى الكفر. ولقد سمعت بعض من كنت أظن فيه كثرة الخير وهو يقول في ليالي موته: ربي هو ذا يظلمني، فلم أزل منزعجا بتحصيل عدة ألقى بها ذلك اليوم. كيف وقد روى أن الشيطان يقول لأعوانه في تلك الساعة: [ عليكم بهذا، فإن فاتكم لم تقدروا عليه ]. وأي قلب يثبت عند إمساك النفس، والأخذ بالكظم، ونزع النفس والعلم بمفارقة المحبوبات إلى ما لا يدري ما هو، وليس في ظاهره إلا البقر والبلاء. فنسأل الله عز وجل يقينا يقينا شر ذلك اليوم، لعلنا نصبر للقضاء، أو نرضى به. ونر غب إلى مالك الأمور في أن يهب لنا من فواضل نعمه على أحبابه، حتى يكون لقاؤه أحب إلينا من بقائنا، وتفويضنا إلى تقديره أشهى لنا من اختيارنا. ونعوذ بالله من اعتقاد الكمال لتدبيرنا، حتى إذا انعكس علينا أمر عدنا إلى القدر بالتسخط. وهذا هو الجهل المحض، والخذلان الصريح، أعاذنا الله منه.