→ فصل: التلطف بالنفس | صيد الخاطر فصل: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ابن الجوزي |
فصل: الحر تكفيه الإشارة ← |
فصل: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا
من أظرف الأشياء إفاقة المحتضر عند موته، فإن ينتبه إنتباها لا يوصف، ويقلق قلقا لا يحد ويتلهف على زمانه الماضي. ويود لو ترك كي يتدارك ما فاته، ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف. ولو وجدت ذرة من تلك الأحوال في أوان العافية حصل كل مقصود من العمل بالتقوى. فالعاقل من مثل تلك الساعة وعمل بمقتضى ذلك. فإن لم يتهيأ تصوير ذلك على حقيقته تخايله على قدر يقظته. فإنه يكف كف الهوى، ويبعث على الجد. فأما من كانت تلك الساعة نصب عينيه، كان كالأسير لها. كما روي عن حبيب العجمي إنه كان إذا أصبح يقول لإمرأته: إذا مت اليوم ففلان يغسلني، وفلان يحملني. وقال معروف لرجل صل بنا الظهر، فقال: إن صليت بكم الظهر لم أصل بكم العصر. فقال: وكأنك تؤمل أن تعيش إلى العصر، نعوذ با الله من طول الأمل. وذكر رجل رجلا بين يديه بغيبة، فجعل معروف يقول له: أذكر القطن إذا وضعوه على عينيك.