→ فصل: إيثار اللذة يفوت الخير الكثير | صيد الخاطر فصل: لا يصح الدين مع تحصيل الملذات ابن الجوزي |
فصل: التفاوت بين العلماء في الأصول والفروع ← |
فصل: لا يصح الدين مع تحصيل الملذات
ليس في الدنيا عيش إلا لعالم أو زاهد. بلى، قد يقع في صفاء حالهما كدر. وهو أن العالم يشتغل بالعلم أو بالانقطاع عن الكسب، وقد يكون له عائلة، فربما تعرض بالسلطان ففسد حاله. وكذلك الزاهد. فينبغي للعالم والعابد أن يتحركا في معاش كنسخ بأجرة أو عمل الخوص، وإن فتح له بشيء اقتنع باليسير فلا يستعبده أحد. كما كان أحمد بن حنبل له أجرة لعلها لا تبلغ دينارا يتقوت بها. ومتى لم يقنع أفسدت مخالطة السلاطين والعوام دينه. وفي الناس من يريد التوسع في المطاعم، ومنهم من لا يوافقه خشن العيش، وهيهات أن يصح الدين مع تحصيل اللذات. وإذا قنع العالم والزاهد بما يكفي، لم يتبذل أحدهما للسلطان،و لم يستخدم بالتردد إلى بابه، ولم يحتج الزاهد إلى تصنع. والعيش اللذيذ للمنقطع الذي لا يتبذل به ولا يحمل منه.