→ فصل: لم لم يواجه الله عباده بالرحم؟ | صيد الخاطر فصل: السبب والمسبب ابن الجوزي |
فصل: الإسلام نظافة ← |
فصل: السبب والمسبب
→ فصل: العلم والعمل | صيد الخاطر فصل: السبب والمسبب ابن الجوزي |
فصل: الإنسان والملك ← |
فصل: السبب والمسبب
مما يزيد العلم عندي فضلا، أن قوما تشاغلوا بالتعبد عن العلم، فوقفوا عن الوصول إلى حقائق الطلب. فروى عن عن بعض القدماء أنه قال لرجل: [ يا أبا الوليد،إن كنت أبا الوليد، يتورع أن يكنيه ولا ولد له.. ] ولو أوغل هذا في العلم لعلم أن النبي ﷺ: كنى صهيبا أبا يحي، وكنى طفلا فقال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟ وقال بعض المتزهدين: [ قيل لي يوما: كل من هذا اللبن. فقلت: هذا يضرني، ثم وقفت بعد مدة عند الكعبة فقلت: اللهم إنك تعلم أني ما أشركت بك طرفة عين، فهتف بي هاتف، ولا يوم اللبن؟ ] وهذا لو صح أن جاز أن يكون تأديبا له، لئلا يقف مع الأسباب ناسيا للمسيب وإلا فالرسول ﷺ قد قال: ما زالت أكلة خيبر تعاودني حتى الآن قطعت أبهري. وقال ما نفعني مال كمال أبي بكر. ومن المتزهدين أقوام يرون التوكل قطع الأسباب كلها، وهذا جهل بالعلم فإن النبي ﷺ: دخل الغار، وشاور الطبيب، ولبس الدرع، وحفر الخندق، ودخل مكة في جوار المطعم بن عدي وكان كافرا، وقال لسعد: لأن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس. فالوقوف مع الأسباب مع نسيان المسبب غلط. وكل هذه الظلمات إنما تقطع بمصباح العلم. ولقد ضل من مشى في ظلمة الجهل أو في زقاق الهوى.