→ فصل: دعاء الخاشعين | صيد الخاطر فصل: قمة التدبر ابن الجوزي |
فصل: الهمة العالية ← |
فصل: قمة التدبر
قرأت من غرائب العلم، وعجائب الحكم، على بعض من يدعي العلم، فرأيته يتلوى من سماع ذلك، ولا يطلع على غوره، ولا يشرئب إلى ما يأتي، فصدفت عن إسماعه شيئا آخر وقلت: إنما يصلح مثل هذا الذي لب يتلقاه تلقي العطشان الماء. ثم أخذت من هذه إشارة هي أنه لو كان هذا يفهم ما جرى ومدحني لحسن ما صنعت لعظم قدره عندي، ولأريته محاسن مجموعاتي وكلامي. ولكنه لما لم أره لها أهلا صرفتها عنه، وصدفت بنظري إليه. وكانت الإشارة: أن الله عز وجل، قد صنف هذه المخلوقات فأحسن التركيب، وأحكم الترتيب، ثم عرضها على الألباب، فأي لب أو غل في النظر مدح على قدر فهمه فأحبه المصنف، وكذلك أنزل القرآن يحتوي على عجائب الحكم، فمن فتشه بيد الفهم. وحادثة في خلوة الفكر، استجلب رضى المتكلم به وحظي بالزلفى لديه. ومن كان للذهن مستغرق الفهم بالحسيات، صرف عن ذلك المقام. قال الله عز وجل: سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق.