→ فصل: خطر موافقة الهوى | صيد الخاطر فصل: القناعة بالقليل ابن الجوزي |
فصل: ثمرة العقل فهم الخطاب ← |
فصل: القناعة بالقليل
رأيت عموم أرباب الأموال يستخدمون العلماء ويستذلونهم بشيء يسير يعطونهم من زكاة أموالهم، فإن كان لأحدهم ختمة فلان ما حضر، وإن مرض قال فلان ما تردد، وكل منته عليه شيء نزر يجب تسليمه إلى مثله. وقد رضي العلماء بالذل في ذلك لموضع الضرورة. فرأيت أن هذا جهل من العلماء بما يجب عليهم من صيانة العلم، ودواؤه من جهتين: إحداهما: القناعة باليسير. كما قيل: من رضي بالخل والبقل لم يستعبده أحد. الثاني: صرف بعض الزمان المصروف في خدمة العلم إلى كسب الدنيا، فإنه يكون سببا لإعزاز العلم، وذلك أفضل من صرف جميع الزمان في طلب العلم، مع احتمال هذا الذل. ومن تأمل ما تأملته وكانت له أنفة قدر قوته، واحتفظ بما معه، أو سعى في مكتسب يكفيه، ومن لم يأنف من مثل هذه الأشياء لم يحظ من العلم إلا بصورته دون معناه.