→ محمد عبد الله بن حسن | البداية والنهاية – الجزء العاشر وعبد الله بن المقفع الكاتب المفوه ابن كثير |
ثم دخلت سنة ست وأربعين ومائة ← |
أسلم على يد عيسى بن علي عم السفاح والمنصور، وكتب له، وله رسائل وألفاظ صحيحة، وكان متهما بالزندقة، وهو الذي صنف كتاب كليلة ودمنة، ويقال: بل هو الذي عربها من المجوسية إلى العربية.
قال المهدي: ما وجد كتاب زندقة إلا وأصله من: ابن المقفع، ومطيع بن إياس، ويحيى بن زياد.
قالوا: ونسي الجاحظ وهو رابعهم.
وكان مع هذا فاضلا بارعا فصيحا.
قال الأصمعي: قيل لابن المقفع: من أدبك؟
قال: نفسي، إذا رأيت من غيري قبيحا أبيته، وإذا رأيت حسنا أتيته.
ومن كلامه: شربت من الخطب ريا، ولم أضبط لها رويا، فغاضت ثم فاضت، فلا هي نظاما، ولا نسيت غيرها كلاما.
وكان قتل ابن المقفع على يد سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة نائب البصرة، وذلك أنه كان يعبث به ويسب أمه، وإنما كان يسميه: ابن المعلم، وكان كبير الأنف، وكان إذا دخل عليه يقول: السلام عليكما - على سبيل التهكم -.
وقال لسفيان بن معاوية مرة: ما ندمت على سكوت قط.
فقال: صدقت، الخرس لك خير من كلامك.
ثم اتفق أن المنصور غضب على ابن المقفع فكتب إلى نائبه سفيان بن معاوية هذا أن يقتله، فأخذه فأحمى له تنورا وجعل يقطعه إربا إربا ويلقيه في ذلك التنور حتى حرقه كله، وهو ينظر إلى أطرافه كيف تقطع ثم تحرق، وقيل غير ذلك في صفة قتله.
قال ابن خلكان: ومنهم من يقول: إن ابن المقفع نسب إلى بيع القفاع وهي من الجريد كالزنبيل بلا آذان، والصحيح أنه ابن المقفع وهو أبو دارويه كان الحجاج قد استعمله على الخراج فخان فعاقبه حتى تقفعت يداه، والله أعلم.
وفيها: خرج الترك والخزر بباب الأبواب فقتلوا من المسلمين بأرمينية جماعة كثيرة.
وحج بالناس في هذه السنة نائب المدينة عبد الله بن الربيع الحارثي.
وعلى الكوفة عيسى بن موسى، وعلى البصرة مسلم بن قتيبة، وعلى مصر يزيد بن حاتم.