→ ثم دخلت سنة تسعين ومائة من الهجرة | البداية والنهاية – الجزء العاشر أسد بن عمرو ابن كثير |
وعبيدة بن حميد ← |
ابن عامر، أبو المنذر البجلي الكوفي، صاحب أبي حنيفة، حكم ببغداد وبواسط، فلما انكف بصره عزل نفسه عن القضاء.
قال أحمد بن حنبل: كان صدوقا.
ووثقه ابن معين، وتكلم فيه علي بن المديني، والبخاري، وسعدون المجنون صام ستين سنة فخف دماغه فسماه الناس: مجنونا، وقف يوما على حلقة ذي النون المصري فسمع كلامه فصرخ ثم أنشأ يقول:
ولا خير في شكوى إلى غير مشتكى * ولا بد من شكوى إذا لم يكن صبر
وقال الأصمعي: مررت به وهو جالس عند رأس شيخ سكران يذب عنه.
فقلت له: مالي أراك عند رأس هذا الشيخ؟
فقال: إنه مجنون.
فقلت: أنت مجنون أو هو؟
قال: لا ! بل هو، لأني صليت الظهر والعصر في جماعة وهو لم يصل جماعة ولا فرادى، وهو مع هذا قد شرب الخمر وأنا لم أشربها.
قلت: فهل قلت في هذا شيئا؟
قال: نعم، ثم أنشأ يقول:
تركت النبيذ لأهل النبيذ * وأصبحت أشرب ماء قراحا
لأن النبيذ يذل العزيز * ويكسو السواد الوجوه الصباحا
فإن كان ذا جائزا للشباب * فما العذر منه إذا الشيب لاحا
قال الأصمعي: فقلت له: صدقت، أنت العاقل وهو المجنون.