→ ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين ومائتين | البداية والنهاية – الجزء العاشر ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائتين ابن كثير |
ثم دخلت سنة خمس وثلاثون ومائتين ← |
فيها: خرج محمد بن البعيث بن حلبس عن الطاعة في بلاد أذربيجان، وأظهر أن المتوكل قد مات والتف عليه جماعة من أهل تلك الرساتيق، ولجأ إلى مدينة مرند فحصنها، وجاءته البعوث من كل جانب، وأرسل إليه المتوكل جيوشا يتبع بعضها بعضا، فنصبوا على بلده المجانيق من كل جانب، وحاصروه محاصرةً عظيمةً جدا، وقاتلهم مقاتلةً هائلةً، وصبر هو وأصحابه صبرا بليغا، وقدم بغا الشرابي لمحاصرته، فلم يزل به حتى أسره واستباح أمواله وحريمه وقتل خلقا من رؤس أصحابه، وأسر سائرهم وانحسمت مادة ابن البعيث.
وفي جمادى الأولى منها خرج المتوكل إلى المدائن.
وفيها: حج إيتاخ أحد الأمراء الكبار وهو والي مكة، ودعي له على المنابر، وقد كان إيتاخ هذا غلاما خزريا طباخا، وكان لرجل يقال له سلام الأبرش، فاشتراه منه المعتصم في سنة تسع وتسعين ومائة، فرفع منزلته وحظي عنده، وكذلك الواثق من بعده، ضم إليه أعمالا كثيرةً، وكذلك عامله المتوكل وذلك لفروسيته ورجلته وشهامته، ولما كان في هذه السنة شرب ليلة مع المتوكل فعربد عليه المتوكل فهم إيتاخ بقتله.
فلما كان الصباح اعتذر المتوكل إليه وقال له: أنت أبي وأنت ربيتني، ثم دس إليه من يشير إليه بأن يستأذن للحج فاستأذن فأذن له، وأمره على كل بلدة يحل بها، وخرج القواد في خدمته إلى طريق الحج حين خرج، ووكل المتوكل الحجابة لوصيف الخادم عوضا عن إيتاخ.
وحج بالناس فيها محمد بن داود أمير مكة وهو أمير الحجيج من سنين متقدمة.
وفيها توفي: أبو خيثمة زهير بن حرب، وسليمان بن داود الشاركوني أحد الحفاظ، عبد الله بن محمد النفيلي، أبو ربيع الزهراني، وعلي بن عبد الله بن جعفر المديني شيخ البخاري في صناعة الحديث ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، والمعافا الرسيعني، ويحيى بن يحيى الليثي راوي الموطأ عن مالك.