→ أبو زيد الأنصاري | البداية والنهاية – الجزء العاشر ثم دخلت سنة ست عشرة ومائتين ابن كثير |
زبيدة امرأة الرشيد وابنة عمه ← |
فيها: عدا ملك الروم وهو: توفيل بن ميخائيل على جماعة من المسلمين فقتلهم في أرض طرسوس نحوا من ألف وستمائة إنسان.
وكتب إلى المأمون فبدأ بنفسه، فلما قرأ المأمون كتابه نهض من فوره إلى بلاد الروم عودا على بدء وصحبته أخوه أبو إسحاق بن الرشيد نائب الشام ومصر، فافتتح بلدانا كثيرةً صلحا وعنوةً، وافتتح أخوه ثلاثين حصنا.
وبعث يحيى بن أكثم في سرية إلى طوانة فافتتح بلادا كثيرةً وأسر خلقا وحرق حصونا عدةً، ثم عاد إلى العسكر.
وأقام المأمون ببلاد الروم من نصف جمادى الآخرة إلى نصف شعبان، ثم عاد إلى دمشق وقد وثب رجل يقال له: عبدوس الفهري في شعبان من هذه السنة ببلاد مصر، فتغلب على نواب أبي إسحاق بن الرشيد واتبعه خلق كثير.
فركب المأمون من دمشق يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة إلى الديار المصرية، فكان من أمره ما سنذكره.
وفيها: كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد يأمره أن يأمر الناس بالتكبير عقيب الصلوات الخمس، فكان أول ما بدئ بذلك في جامع بغداد والرصافة يوم الجمعة لأربع عشر ليلة خلت من رمضان، وذلك أنهم كانوا إذا قضوا الصلاة قام الناس قياما فكبروا ثلاث تكبيرات، ثم استمروا على ذلك في بقية الصلوات.
وهذه بدعة أحدثها المأمون أيضا بلا مستند ولا دليل ولا معتمد، فإن هذا لم يفعله قبله أحد، ولكن ثبت في الصحيح عن ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر كان على عهد رسول الله ﷺليعلم حين ينصرف الناس من المكتوبة، وقد استحب هذا طائفة من العلماء كابن حزم وغيره.
وقال ابن بطال: المذاهب الأربعة على عدم استحبابه.
قال النووي: وقد روي عن الشافعي أنه قال: إنما كان ذلك ليعلم الناس أن الذكر بعد الصلوات مشروع، فلما علم ذلك لم يبق للجهر معنى.
وهذا كما روي عن ابن عباس أنه كان يجهر في الفاتحة في صلاة الجنازة ليعلم الناس أنها سنة، ولهذا نظائر، والله أعلم.
وأما هذه البدعة التي أمر بها المأمون فإنها بدعة محدثة لم يعمل بها أحد من السلف.
وفيها: وقع برد شديد جدا.
وفيها: حج بالناس الذي حج بهم في العام الماضي، وقيل: غيره، والله أعلم.
وفيها توفي: حبان بن هلال، وعبد الملك بن قريب الأصمعي، صاحب اللغة والنحو والشعر وغير ذلك، ومحمد بن بكار بن هلال، وهوذة بن خليفة.