→ علي بن حمزة | البداية والنهاية – الجزء العاشر محمد بن الحسن بن زفر ابن كثير |
ثم دخلت سنة تسعين ومائة من الهجرة ← |
أبو عبد الله الشيباني مولاهم، صاحب أبي حنيفة.
أصله من قرية من قرى دمشق، قدم أبوه العراق فولد بواسط سنة ثنتين ومائة، ونشأ بالكوفة.
فسمع من: أبي حنيفة، ومسعر، والثوري، وعمر بن ذر، ومالك بن مغول.
وكتب عن: مالك بن أنس، والأوزاعي، وأبي يوسف.
وسكن بغداد وحدث بها، وكتب عنه الشافعي حين قدمها في سنة أربع وثمانين ومائة، وولاه الرشيد قضاء الرقة ثم عزله.
وكان يقول لأهله: لا تسألوني حاجة من حاجات الدنيا فتشغلوا قلبي، وخذوا ما شئتم من مالي فإنه أقل لهمي وأفرغ لقلبي.
وقال الشافعي: ما رأيت حبرا سمينا مثله، ولا رأيت أخف روحا منه، ولا أفصح منه، كنت إذا سمعته يقرأ القرآن كأنما ينزل القرآن بلغته.
وقال أيضا: ما رأيت أعقل منه، كان يملأ العين والقلب.
قال الطحاوي: كان الشافعي قد طلب من محمد بن الحسن كتاب السير فلم يجبه إلى الإعارة، فكتب إليه:
قل للذي لم تر عيناي مثله * حتى كأن من رآه قد رأى من قبله
العلم ينهى أهله أن يمنعوه أهله * لعله ببذله لأهله لعله
قال: فوجه به إليه في الحال هدية لا عارية.
وقال إبراهيم الحربي: قيل لأحمد بن حنبل: هذه المسائل الدقاق من أين هي لك؟
قال: من كتب محمد بن الحسن رحمه الله.
وقد تقدم أنه مات هو والكسائي في يوم واحد من هذه السنة.
فقال الرشيد: دفنت اليوم اللغة والفقه جميعا.
وكان عمره ثمانية وخمسين سنة.