→ ثم دخلت سنة أربع وخمسين ومائة | البداية والنهاية – الجزء العاشر أشعب الطامع ابن كثير |
وأبو عمرو بن العلاء ← |
وهو: أشعب بن جبير، أبو العلاء، ويقال: أبو إسحاق المدني، ويقال له: أبو حميدة.
وكان أبوه مولى لآل الزبير، قتله المختار، وهو خال الواقدي.
وروى عن عبد الله بن جعفر: «أن رسول الله ﷺكان يتختم في اليمين».
وأبان بن عثمان، وسالم، وعكرمة.
وكان ظريفا ماجنا يحبه أهل زمانه لخلاعته وطمعه، وكان حميد الغناء، وقد وفد على الوليد بن يزيد دمشق، فترجمه ابن عساكر ترجمة ذكر عنه فيها أشياء مضحكة، وأسند عنه حديثين.
وروي عنه أنه سئل يوما أن يحدث فقال: حدثني عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله ﷺقال: «خصلتان من عمل بهما دخل الجنة» ثم سكت.
فقيل له: ما هما؟
فقال: نسي عكرمة الواحدة ونسيت أنا الأخرى.
وكان سالم بن عبد الله بن عمر يستخفه ويستحليه ويضحك منه ويأخذه معه إلى الغابة، وكذلك كان غيره من أكابر الناس.
وقال الشافعي: عبث الولدان يوما بأشعب فقال لهم: إن ههنا أناسا يفرقون الجوز - ليطردهم عنه - فتسارع الصبيان إلى ذلك، فلما رآهم مسرعين قال: لعله حق فتبعهم.
وقال له رجل: ما بلغ من طمعك؟
فقال: ما زفت عروس بالمدينة إلا رجوت أن تزف إلي فأكسح داري وأنظف بابي واكنس بيتي.
واجتاز يوما برجل يصنع طبقا من قش فقال له: زد فيه طورا أو طورين لعله أن يهدى يوما لنا فيه هدية.
وروى ابن عساكر أن أشعب غنَّى يوما لسالم بن عبد الله بن عمر قول بعض الشعراء:
مضين بها والبدر يشبه وجهها * مطهرة الأثواب والدين وافر
لها حسب زاكٍ وعرض مهذب * وعن كل مكروه من الأمر زاجر
من الخفرات البيض لم تلق ريبة * ولم يستملها عن تقى الله شاعر
فقال له سالم: أحسنت فزدنا.
فغناه:
ألمت بنا والليل داج كأنه * جناح غراب عنه قد نفض القطرا
فقلت أعطار ثوى في رحالنا * وما علمت ليلى سوى ريحها عطرا
فقال له: أحسنت ولولا أن يتحدث الناس لأجزلت لك الجائزة، وإنك من الأمر لبمكان.
وفيها توفي: جعفر بن برقان، والحكم بن أبان، وعبد الرحمن بن زيد بن جابر، وقرة بن خالد.