→ ذكر ترجمة الإمام أبي حنيفة | البداية والنهاية – الجزء العاشر ثم دخلت سنة إحدى وخمسين ومائة ابن كثير |
بناء الرصافة ← |
فيها: عزل المنصور عمر بن حفص عن السند وولى عليها هشام بن عمرو التغلبي، وكان سبب عزله عنها أن محمد بن عبد الله بن حسن لما ظهر بعث ابنه عبد الله الملقب: بالأشتر، ومعه جماعة بهدية وخيول عتاق إلى عمر بن حفص هذا إلى السند فقبلها، فدعوه إلى دعوة أبيه محمد بن عبد الله بن حسن في السر فأجابهم إلى ذلك ولبسوا البياض.
ولما جاء خبر مقتل محمد بن عبد الله بالمدينة سقط في أيديهم، وأخذوا في الاعتذار إلى عبد الله بن محمد، فقال له عبد الله: إني أخشى على نفسي.
فقال: إني سأبعثك إلى ملك من المشركين في جوار أرضنا، وإنه من أشد الناس تعظيما لرسول الله ﷺ، وأنه متى عرفك أنك من سلالته أحبك.
فأجابه إلى ذلك، وسار عبد الله بن محمد إلى ذلك الملك وكان عنده آمنا، وصار عبد الله يركب في موكب من الزيدية ويتصيد في جحفل من الجنود، وانضم إليه خلق، وقدم عليه طوائف من الزيدية.
وأما المنصور فإنه بعث يعتب على عمر بن حفص نائب السند، فقال رجل من الأمراء: ابعثني إليه واجعل القضية مسندة إليّ، فإني سأعتذر إليه من ذلك، فإن سلمت وإلا كنت فداءك وفداء من عندك من الأمراء.
فأرسله سفيرا في القضية إلى المنصور، فلما وقف بين يدي المنصور أمر بضرب عنقه، وكتب إلى عمر بن حفص بعزله عن السند وولاه بلاد إفريقية عوضا عن أميرها، ولما وجه المنصور هشام بن عمرو إلى السند أمره أن يجتهد في تحصيل عبد الله بن محمد، فجعل يتوانى في ذلك، فبعث إليه المنصور يستحثه في ذلك، ثم اتفق الحال أن سيفا أخا هشام بن عمرو لقي عبد الله بن محمد في بعض الأماكن فاقتتلوا فقتل عبد الله وأصحابه جميعا، واشتبه عليهم مكانه في القتلى فلم يقدروا عليه.
فكتب هشام بن عمرو إلى المنصور يعلمه بقتله، فبعث يشكره على ذلك ويأمره بقتال الملك الذي آواه، ويعلمه أن عبد الله كان قد تسرى بجارية هنالك وأولدها ولدا أسماه: محمدا، فإذا ظفرت بالملك فاحتفظ بالغلام فنهض هشام بن عمرو إلى ذلك الملك فقاتله فغلبه وقهره على بلاده وأمواله وحواصله، وبعث بالفتح والأخماس وبذلك الغلام والملك إلى المنصور، ففرح المنصور بذلك وبعث بذلك الغلام إلى المدينة، وكتب المنصور إلى نائبها يعلمه بصحة نسبه، ويأمره أن يلحقه بأهله يكون عندهم لئلا يضيع نسبه، فهو الذي يقال له: أبو الحسن الأشتر.
وفي هذه السنة: قدم المهدي بن المنصور على أبيه من خراسان فتلقاه أبوه والأمراء والأكابر إلى أثناء الطريق، وقدم بعد ذلك نواب البلاد والشام وغيرها للسلام عليه وتهنئته بالسلامة والنصر.
وحمل إليه من الهدايا والتحف ما لا يحد ولا يوصف.