thecatus
يعتقد بعض العلماء أننا نعيش في عصر يتسم بالانقراض. ففي الولايات المتحدة وحدها انقرضت حوالي 40 نوعًا من الطيور و35 نوعًا من الثدييات و25 نوعًا من الحيوانات، خلال السنوات المائتين الماضية. وقد انقرض الكثير من هذه الأنواع بسبب النشاط البشري، كما أصبحت مئات الأنواع الأخرى في الولايات المتحدة مهددة (معرضة لخطر الانقراض). ولكن أعدادًا متزايدة من الناس تعمل اليوم على الحفاظ على تنوع الحياة الحيوانية لصالح الأجيال القادمة.
تدمير الموطن. عندما يبني الناس المدن، أو يقطعون الغابات للحصول على الأخشاب، أو تنظيف الأرض بغرض الزراعة، تتعرض بيئات الحيوانات إلى التدمير. فعلى سبيل المثال، كانت الدببة الرمادية وأسود الجبال تتجوّل بحرية يومًا ما في الموقع الحالي لمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، ولكنها لاتستطيع العيش في المدينة اليوم.
واليوم، تتعرض بيئات الحيوانات في الغابات المدارية إلى التهديد، أكثر من غيرها، حيث يقطع الناس الأشجار بسرعة فائقة، للحصول على الأخشاب الصلبة القيمة مثل الماهوجني والتيك، وينظفون الأرض لزراعة المحاصيل الزراعية. ونظرًا لأن التربة في هذه المناطق ليست عالية الخصوبة فإن المزارع لا تنتج المحاصيل إلا لسنوات قليلة، ولذا يلجأ المزارعون إلى تنظيف المزيد من المساحات، بقطع أشجارها. وبحلول السنوات الأولى من تسعينيات القرن العشرين، شملت المساحات المدمرة حوالي خمسي مساحة الغابات المدارية في العالم.
ويولي العديد من العلماء، وغيرهم من المهتمين بالحياة الفطرية، تدمير الغابات المدارية اهتمامًا خاصًا، حيث يشيرون إلى أن التنوع البيولوجي، أي وجود أعداد كبيرة من أنواع النباتات والحيوانات، في هذه الغابات، يفوق التنوع البيولوجي في أي بيئة أخرى. فقد تحتوي ثلاثة كيلومترات فقط من الغابات في أمريكا الجنوبية على عدد من أنواع الطيور أكثر مما نجده في العديد من الدول. وفي الواقع، اكتشف العلماء، أن شجرة واحدة في غابة مدارية ببيرو يعيش عليها 43 نوعًا من النمال. ويساوي هذا العدد عدد أنواع النمال في المملكة المتحدة كلها.
وبالرغم من احتمال وجود عدد من أنواع الحياة الحيوانية في مكان واحد من المنطقة المدارية، فإن العدد الكلي للكثير من الأنواع المدارية صغير جدًا. وعليه فإن تنظيف مساحة واسعة من الغابات يؤدي إلى قتل كل الكائنات الحية المنتمية لبعض الأنواع.
التلوث. قد يؤدي عدد من أنواع التلوث أيضًا إلى تدمير الحيوانات ومواطنها. فالكيميائيات الزراعية، والنفايات الصناعية، تتسرب أحيانًا إلى البرك والأنهار، وتقتل الحياة الفطرية هناك. كذلك يؤدي تلوث الهواء الذي تسببه المصانع، التي تستخدم الوقود الأحفوري مثل الفحم والزيت، إلى التدمير الشديد للغابات والحياة الفطرية. وتموت الأسماك وغيرها من الحيوانات، بسبب المطر الحمضي، أي المطر المركز بحمضي الكبريتيك والنيتريك الناتجين عن تلوث الهواء.
ويشكل ازدياد ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تهديدًا طويل الأمد للحيوانات ومواطنها. فالكثير من المصانع ـ بالإضافة إلى السيارات ومحطات القدرة ـ تنفث غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو. وتساعد أشجار الغابات ونباتاتها في امتصاص هذا الغاز، ولكن نظرًا لأنها تتعرض للقطع المستمر فإن معدلات ثاني أكسيد الكربون تتزايد. ويعتقد كثير من العلماء أن كميات ثاني أكسيد الكربون المتزايدة في الجو تسرع معدل ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية، الناتج عن الظاهرة المعروفة باسم تأثير البيت المحمي. ويمكن أن يحدث هذا الارتفاع تأثيرات كبيرة في مناخ الأرض، تؤدي بدورها إلى تدمير عدد كبير من أنواع الحيوانات والنباتات. ★ تَصَفح : تأثير البيت المحمي.
إدخال الأنواع الجديدة. قد يكون لإدخال أنواع جديدة في منطقة معينة نتائج غير متوقعة. ففي منتصف القرن التاسع عشر على سبيل المثال، إدخل الناس الأرانب في الحياة البرية في أستراليا. وبسبب عدم وجود أعداء طبيعيين للأرانب في تلك المناطق ازدادت أعدادها بكثرة، وأدى هذا التكاثر بدوره إلى اختفاء البندقوط ذي الأذن الأرنبي ـ وهو من الحيوانات المستوطنة في أستراليا ـ من بعض مناطق القارة. وقد نتج هذا الاختفاء بسبب التنافس على الأجحار، الذي نشأ عن وجود العدد الكبير من الأرانب، ولأن السموم والشراك التي استخدمها الناس ضد الأرانب قتلت أيضًا أعدادًا كبيرة منها. ★ تَصَفح :البندقوط .
وقد يتسبب الإنسان في دخول أنواع جديدة من الحيوانات إلى منطقة معينة، دون قصد. فبلح البحر الوحشي مثلاً حيوان صدفي يستوطن المنطقة المحيطة ببحر قزوين، بين أوروبا وآسيا. وقد عثر على هذه الحيوانات أول مرة في أمريكا الشمالية، في عام 1988م، حيث أطلقت يرقاتها في البحيرات العظمى دون قصد عبر مياه التوازن، وهي المياه التي تحفظ داخل السفينة لحفظ توازنها. واليوم يشكل بلح البحر الوحشي آفة رئيسية في أمريكا الشمالية، وقد يهدد وجوده الموارد الغذائية لكثير من الأسماك والأصداف التي تستوطن البحيرات العظمى.
الصيد. أدى الصيد الجائر للعديد من الحيوانات عبر القرون إلى فنائها. فصيادو ما قبل التاريخ، على سبيل المثال، ربما تسببوا في انقراض الماموث الصوفي والمستودون بصيدهما. ★ تَصَفح : الماموث ؛ المستودون، حيوان.
وقد كان الصيد الجائر في المائتي سنة الماضية بصفة خاصة، من أهم أسباب تدمير الحياة الحيوانية، حيث تسبب في انقراض كائنات مثل الأوك الكبير والحمام المهاجر وبقرة ستيلر البحرية. ★ تَصَفح : الأوك، طائر ؛ الحمام المهاجر ؛ بقرة البحر.
النمو السكاني. يتزايد عدد سكان البشر في العالم باطراد. فقد بلغ عدد سكان العالم في نهاية تسعينيات القرن العشرين حوالي 6 بليون نسمة، أي حوالي خمسة أضعاف عدد سكان العالم في عام 1850م. ويتوقع بعض الخبراء أن يبلغ عدد سكان العالم في عام 2050م حوالي 11,5 بليون نسمة، أي حوالي ضعف عدد السكان الحالي. وسيضيف هذا الازدياد الهائل لعدد السكان عبئًا إضافيًا على المواطن الطبيعية أو تدميرها.
المناطق المحميّة. تهتم العديد من الدول بتشييد المتنزهات الوطنية، ومناطق حفظ الطرائد، والملاجئ الفطرية، التي تحمى فيها مواطن الحيوانات من التغول، ويحظر فيها الصيد. ويعتقد الكثيرون من المهتمين بصيانة الحياة الفطرية أن هذه المناطق تمثل الأمل الأخير لحماية بعض الأنواع المهددة بالانقراض. ففي الهند مثلاً، هناك الآن حوالي25,000 كيلومتر مربع، مخصص لحفظ النمور. وقد تضاعف عدد النمور في الهند منذ تطبيق المشروع المسمى مشروع النمر في عام 1973م. ويحتضن متنزه يلوستون الوطني حيوانات نادرة مثل الدب الرمادي والبيسون والعقاب الأصلع والقم البوّاق. ويحمى الفيل الإفريقي والخرتيت الأسود في متنزهات وملاجئ في السافانا الإفريقية.
وتحمى الحيوانات أيضًا بالاتفاقيات الدولية. فبحلول عام 1988م، على سبيل المثال، أوقفت كل الدول صيد الحيتان التجاري لأن كثيرًا من أنواع الحيتان أصبحت مهددة بالانقراض. ★ تَصَفح : الحوت . كذلك اتفق الموقعون على معاهدة أنتاركتيكا على تبني قوانين لحماية نباتات أنتاركتيكا وحيواناتها.
القوانين. تحمي القوانين أيضًا الحياة الفطرية في مختلف من الدول. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يحتفظ المسؤولون بقائمة عن الأنواع المهددة بالانقراض. وتفرض القوانين على كل من يريد استغلال موطن يسكنه نوع مهدد بالانقراض، أن يثبت أن التغييرات المتوقعة لن تؤثر على ذلك النوع. وفي ماليزيا يعاقب كل من يقتل سعلاة أو يجرحها أو يقبضها بالسجن.
وتحدد بعض الهيئات الحكومية أيضًا عدد طرائد بعض الأنواع التي يمكن صيدها في كل موسم. وحين يصبح نوع معين نادر الوجود، تلجأ الهيئات الحكومية إلى تخفيض العدد المسموح بصيده قانونًا من ذلك النوع، لتعويض الفاقد.
الاستيلاد. أصبحت بعض الأنواع، مثل الكندور الكاليفورني، نادرة جدًا، مما دفع العلماء إلى الاعتقاد بأن الطريقة الوحيدة لانقاذ هذه الأنواع، هي استيلادها في الأسر. ومن الحيوانات الأخرى المهددة بالانقراض، والتي تستولد الآن في الأسر، المارية العربية والدب الشمسي والسعلاة والكركي الناعق. وفي حالة نمو أعدادها تبذل المحاولات لإعادة بعضها إلى الحياة الفطرية.
ويتم الآن إعادة بعض الأنواع إلى مواطنها الأصلية، حيث أعيد الوشق مثلاً إلى جبال فوزج بفرنسا وجبال جورا بسويسرا. ويحلق نسر جربيبيتوس ذو اللحية الآن في مناطق أخرى فوق جبال الألب.
ويظل مستقبل الحياة الفطرية غامضًا بالرغم من جهود المعنيين بصيانتها. فالبشر يتزايدون باستمرار، ومازالت الغابات وأراضي الحشائش تتعرض للتدمير، ويواصل الناس صيد الفيل الإفريقي والنمور وغيرها من الحيوانات المعرضة للزوال، ويهدد تلوث الهواء والمطر الحمضي وتلوث الماء حياة الأنواع الفطرية.
جـدول لذكـاء الحيـوانات | |||||||||
|