الرئيسيةبحث

الحليب ( Milk )



الحليب أو اللبن من أكثر المواد الغذائية فائدة، وهو الشراب المفضل لدى الناس في جميع أنحاء العالم. يحتوي الحليب تقريبًا على جميع المغذيات (المواد المغذية) التي يحتاج إليها الإنسان لنموه والمحافظة على صحته بصورة جيدة. وبالإضافة إلى ذلك فإن الحليب يحتوي على كميات كبيرة من هذه المغذيات وبنسبه عالية. وهذا يؤدي إلى أن تعمل هذه المغذيات معًا لمساعدة الجسم كي يبقى قويًا ومعافى.

تُنتج جميع إناث الثدييات الحليب من أجل تغذية صغارها. ولكن عندما نذكر الحليب يتبادر إلى ذهننا الحليب الذي نحصل عليه من الأبقار، والذي يعتبر من أهم مصادر الحليب في العديد من الدول. وفي بعض المناطق الأخرى من العالم يكون المصدر الرئيسي للحليب من حيوانات أخرى غير الأبقار. ويُعد حليب المعز شائع الاستعمال في أجزاء من أوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا.

كما تعد الإبل مصدرًا للحليب في المناطق الصحراوية العربية، وفي آسيا الوسطى، وإفريقيا الشمالية. وبعض الأمريكيين الجنوبيين يشربون حليب اللاما. ويحصل الناس على الحليب في مناطق القطب الشمالي من حيوانات الرنة. ويعتبر حليب الأغنام المصدر الرئيسي للحليب في كل من اليونان وإيران وتركيا.

في كلٍّ من مصر والهند والباكستان وكثير من دول جنوب شرقي آسيا يُعتبر الجاموس أحد مصادر الحليب المهمة.

يُصنع من الحليب الزبدة، والجبنة، والمثلَّجات، واللبن الزبادي ومواد غذائية عديدة أخرى. ويُستخدم الحليب أو أحد منتجاته في مكونات العديد من الأغذية مثل الكيك وحلوى الكازارول وحلوى البودنج والصلصة. كما يُستخدم الحليب أيضًا في صناعة العديد من المنتجات. فعلى سبيل المثال، يستعمل المصنعون الجبنين (الكازين) (مشتق من الكازينوجين: البروتين الرئيسي في الحليب) في صناعة كل من الغراء المضاد للمياه وأنواع مختلفة من البلاستيك والدهانات.

تناقش هذه المقالة القيمة الغذائية لحليب الأبقار.

القيمة الغذائية للحليب

يتكون حليب الأبقار من حوالي 87% ماء و13%مواد صلبة. وتحتوي المواد الصلبة على المواد المغذية في الحليب. ويناقش هذا الجزء هذه المواد المغذية وأهمية الحليب كغذاء للإنسان.

تركيب الحليب البقري

المغذيات في الحليب:

يحتاج الجسم إلى خمسة أنواع من المغذيات وذلك من أجل إنتاج الطاقة والنمو وتعويض الأنسجة التالفة.وهذه الأنواع هي: 1- الكربوهيدرات 2- الدهون 3- المعادن 4- البروتينات 5- الفيتامينات.

ويطلق على الحليب الغذاء الكامل تقريبًا وذلك لأنه المصدر المثالي للمغذيات السابقة. ولكن الحليب لا يعتبر غذاءً كاملاً لأنه لا يحتوي على قدر كافٍ من عنصر الحديد، كما لا يحتوي على جميع أنواع الفيتامينات.

الكربوهيدرات المصدر الرئيسي للطاقة في الجسم. والمحتوى الرئيسي لكربوهيدرات الحليب هو اللاكتوز أو سكَّر الحليب. وبالإضافة إلى تزويد الجسم بالطاقة، فإن هذا الحليب يساعد الجسم على امتصاص عنصري الكالسيوم والفوسفور الموجودين في الحليب. وتحتوي عظامنا وأسناننا على كميات كبيرة من هذين العنصرين. ويعطي سكَّر اللاكتوز أيضًا المذاق الحلو للحليب. ★ تَصَفح: الكربوهيدرات.

الدهون تعمل على تزويد الجسم بالطاقة مثل السكَّريات، وتعمل أيضًا على إمداد الجسم ببعض الأحماض الدهنية التي يحتاجها. ويعطي الدهن الطعم المميز والغني للحليب. ويحتوي دهن الحليب أيضًا على الفيتامينات ومواد أخرى متعددة، ومن هذه المواد الكاروتين الذي يحوله الجسم إلى فيتامين (أ). ويبدو دهن الحليب على شكل حبيبات كروية دقيقة جدًا. وتحتوي قطرة من الحليب على 100 مليون من هذه الحبيبات الكروية. ★ تَصَفح: الدهن.

المعادن تساعد الجسم على النمو وبقائه في حالة صحية جيدة. ويعتبر الكالسيوم والفوسفور من أهم المعادن الموجودة في الحليب، حيث يعتبر الحليب مصدرًا رئيسيًا للكالسيوم. أما العناصر المعدنية الأخرى الموجودة في الحليب فتشمل كلاً من: البوتاسيوم، والصوديوم، والكبريت، وكميات ضئيلة من الألومنيوم، والنحاس، واليود، والحديد، والمنجنيز والزنك.

البروتينات تشبه المعادن، فهي تساعد الجسم على النمو، والبقاء في حالة جيدة وتعمل على إمداد الجسم بالطاقة أيضًا. كما تُعد بروتينات الحليب من البروتينات الكاملة. حيث إنها تحتوي على جميع الأحماض الأمينية الضرورية للجسم (أجزاء البروتين) لتكوين الدم والأنسجة الأخرى.

تُعد بروتينات البيض وبعض بروتينات اللحوم ذات قيمة غذائية أعلى من بروتينات الحليب. ويشكِّل الجبنين (الكازين) حوالي أربعة أخماس بروتين الحليب حيث يوجد في الحليب فقط. ★ تَصَفح: البروتين.

الفيتامينات مواد ضرورية للنمو والمحافظة على أنسجة الجسم، وتمنع الإصابة ببعض الأمراض كالهزال (البري بري) وكُساح الأطفال. ويقوم الحليب بإمداد الجسم بمعظم الفيتامينات وبكميات أكبر من تلك الموجودة في الأغذية الطبيعية الأخرى. ويعتبر الحليب مصدرًا ممتازًا لكل من فيتامينيْ (أ) و(ب2) و مصدرًا جيدًا لفيتامين (ب1). والفيتامينات الأخرى الموجودة في الحليب هي (ب6) و(ب12) و(ج) و(هـ) و(ك) ولكن بكمية قليلة. وفي بعض البلدان تعمل مزارع الحليب على إضافة فيتامين (د) للحليب. ★ تَصَفح: الفيتامين.

يحتوي حليب كلٍّ من الإنسان والحيوان على نفس المغذيات، إلا أن كميات هذه المواد تختلف باختلاف مصدر الحليب. فبمقارنة حليب الأبقار بحليب الجاموس مثلاً، نجد أن حليب الجاموس يحتوي على ثلاثة أضعاف ما يحتويه حليب الأبقار من الدهن، و 5,1 ما يحتويه حليب الأبقار من البروتين، في حين أنه يحتوي على ثلاثة أرباع ما يحتويه حليب الأبقار من السكَّر.

وفي معظم الدول التي لديها صناعة منتجات الألبان، يجب بيع الحليب الكامل الدسم تحت شروط ومواصفات معينة. وتشترط معظم الدول أن يحوي الحليب الكامل على الأقل 3% من دهن الحليب وحوالي 5,8% من مواد الحليب الصلبة غير الدهنية. ويشترط البعض الآخر وجود نسبة أعلى من مواد الحليب الصلبة غير الدهنية في الحليب. ومعظم حليب الأبقار يحتوي على 3,5% دهن و5% من اللاكتوز و 5,3% بروتين و7,0% مواد معدنية. وتختلف هذه النسب من بقرة لأخرى، وكذلك بين السلالات المختلفة. وتعتمد نوعية تركيب الحليب أيضًا على نوعية العلف الذي تتغذى به البقرة، وعلى مقدار العناية بالحيوان.

الحليب في الغذاء البشري:

يُعد الحليب جزءًا مهمًا في غذاء معظم الناس. فهو الغذاء الأول للأطفال حديثي الولادة، سواء تمت تغذيتهم بالرضاعة الطبيعية (الثدي)، أو عن طريق الرضاعة الصناعية (الرَّضَّاعة). فهو يساعد الجسم على النمو لأنه يحتوي على معظم المغذيات. وينمو الأطفال الذين يتغذَّون بالحليب بشكل أسرع من الأطفال الذين يعتمدون على الغذاء نفسه ولايتناولون الحليب. كما يساعد الحليب الناس على الحصول على المغذيات التي ربما يفتقر إليها غذاؤهم.

يختلف كل من الأطباء وخبراء التغذية في تحديد كمية الحليب التي ينبغي أن يشربها الفرد. وعمومًا يُنْصَح بأن يشرب كلٌّ من الأطفال والمراهقين على الأقل ثلاثة أكواب ذات سعة 240 ملم يوميًا. أما البالغون فيُنصح بأن يشربوا كوبًا واحدًا على الأقل يوميًا. أما بالنسبة للحوامل والمرضعات فيجب أن يتناولن من ثلاثة إلى أربعة أكواب يوميًا.

ولا يستطيع الكثير من الناس أن يشربوا الكمية الموصى بها من الحليب. وعلى سبيل المثال، فإن العديد من البالغين في الدول الإفريقية والآسيوية يمكنهم أن يهضموا كمية قليلة من الحليب، وذلك لأن أجسامهم لديها كمية قليلة من إنزيم اللبن (اللاكتيز مادة كيميائية تعمل عل تحطيم سكَّر الحليب). وتوجد في معظم البلدان نسبة ضئيلة من الأطفال الذين لديهم حساسية للحليب. وينصح العديد من الأطباء المرضى الذين لديهم نسبة عالية من الكولسترول في دمهم أن يتجنبوا شرب الحليب الكامل بسبب احتوائه على الكولسترول.

والكولسترول مادة دهنية توجد في أنسجة جميع الحيوانات. ويؤدي المستوى العالي من الكولسترول في الدم إلى تصلب الشرايين، وهو المرض الذي يمكن أن يسبب النوبة القلبية. ويحتوي الحليب المنزوع الدهن على كمية قليلة من الكولسترول.

أنواع ومنتجات الحليبالوصــــــف عمليـــــة التصنيــــع
الآيس كريمناتج حليب حلو ومجمد تُخلط كل من القشدة والحليب المنزوع القشدة مع الحليب الكامل للحصول على نسبة مناسبة من دهن الحليب. يُعقم هذا الخليط ويتم تجنيسه.
الجبنخَثْرة معالجة من الحليبتُضاف البكتيريا أو عامل آخر إلى الحليب ليتم تشكيل خثرة ناعمة. وتتم إزالة الجزء السائل من الخثرة. ومن ثم يُصنع من الخثرة أنواع مختلفة من الجبن.
الجريشحليب منخفض الدهن ذو طعم مميزتضاف بكتيريا منتجة للحِمض إلى الحليب المبستر والمنزوع القشدة والمفتقر إلى دهن الحليب. يُترك الحليب ليتخمَّر، حتى يكتسب الطعم المرغوب فيه
حليب قليل الدهنحليب يحتوي على حوالي 5,0-2% من دهن الحليبتُخلط كل من القشدة والحليب المنزوع القشدة مع الحليب الكامل للحصول على نسبة مناسبة من دهن الحليب. يُعقم هذا الخليط ويتم تجنيسه.
الحليب المبخَّرحليب كامل نُزع منه حوالي 60% من مائه، لا يحتاج إلى الحفظ في ثلاجة حتى يُفتح يُسَخن الحليب الكامل المعقَّم في أنبوب مُفرغ لإزالة كمية مناسبة من الماء، ثم يُعلب وتُغلق العلبة بإحكام، ثم يُعقّم. ويمكن أن يُعقم أولاً ثم يُعلب ويسد بإحكام
الحليب المنزوع القشدةحليب يحتوي على حوالي 1,0% من دهن الحليبيُفصل آليًا من الحليب الكامل الذي لم يتم تجنيسه
الزبدةدهن حليب مخضوضقشدة مبسترة ومخضوضة آليًا محولة دهن الحليب إلى زبدة
القشدةمن منتجات الحليب الغني المحتوي على 18% من دهن الحليبتفصل آليًا من الحليب الكامل الذي لم يتم تجنيسه
القشدة الحامضةقشدة طرية وثابتة وذات طعم مميز تحتوي على 18% من دهن الحليبتضاف بكتيريا منتجة للحمض إلى القشدة، فتحولها إلى قشدة حامضة، ثم تُبرد بعد الوصول إلى الطعم المطلوب. وتُصنع أيضًا عن طريق إضافة الحمض والنكهة مباشرة إلى القشدة
اللبن الزباديشكل من أشكال الحليب الثخينيُخلط حليب مجفف خالي الدسم مع حليب نُزِعَت قشدته جزئيًا. ثم تضاف البكتيريا والمنكِّه. ويترك الخليط ليتخمر مكونًا خثرة مميَّزة الطعم، ثم تبرّد وتُقسّى بعد الحصول على الطعم المرغوب فيه. وتضاف الفواكه والسكر إليه عادة

الحليب من المزرعة إلى المائدة

يتمتع ملايين الناس بالحليب النقي الطازج يوميًا، وخاصة في أوقات الطعام. ولكن القليل منهم يميز المراحل التي يمر بها الحليب من المزرعة أولاً، ثم تصنيعه حتى يصل إلى مائدة الطعام.

آلات تقوم بحلب الأبقار.

في مزرعة إنتاج الحليب:

يُنتج الحليب في مزارع الحليب تحت ظروف ومواصفات صحية عالية، من أبقار تُدعى أبقار الحليب. ★ تَصَفح: الأبقار.

الإنتاج. يستخدم معظم منتجي الحليب في البلدان الصناعية آلات لحلب أبقارهم. حيث يُعتبرالحلب الآلي أسرع وأضمن صحيًا من الحلب اليدوي. ولكن الحلب اليدوي ما زال منتشرًا في بعض الدول. ★ تَصَفح: الحلابة.

يُدعى الحليب الذي تنتجه البقرة الحليب الخام، حتى يتم تعقيمه. وتنمو البكتيريا الضارة بشكل سريع في الحليب الخام إذا لم يُحفظ نظيفًا وباردًا. لذلك يعمل منتجو الحليب على تنظيف أبقارهم وأماكن الحلب وتعقيم أدوات الحلب. ويُخزِّن معظم الفلاحين الحليب الخام في خزانات مبرّدة، حتى يتم نقله إلى مكان التصنيع. وعند حلب الأبقار يتدفق الحليب إلى خزان حيث يتم تبريده إلى حوالي 4°م.

تعبأ الحليب في زجاجات تحفظ في غرف كبيرة مبردة.
تضع الهيئات الحكومية المواصفات المحددة لنظافة الحليب ومعامل التصنيع. ولكي يتم التأكد من أن هذه المواصفات يتم تنفيذها، يقوم مفتشو الصحة المحليون بتفتيش المزارع وأماكن التصنيع، ويجرون اختبارات مِخْبَرية للحليب. وتُفحص الأبقار بشكل دوري من قبل الأطباء البيطريين للتأكد من خلوها من مرض الدرن ومرض عدوى البروسيلية.

يُصنَّف تقريبًا جميع الحليب السائل الذي يباع من أجل المائدة في البلدان الصناعية بالدرجة (أ) أو الدرجة (1). ولدى معظم الدول قوانين خاصة تتعلق بالظروف الصحية التي يجب أن يُنتج فيها الحليب ويُصنع، لكي يصنف من الدرجة (أ)، أو الدرجة الأولى. وتسمح العديد من الدول ببيع الحليب من درجة التصنيع التي تُستعمل بشكل رئيسي في إنتاج مشتقات الحليب الأخرى وتصنيعها، مثل الزبدة والجبنة والآيس كريم.

التسويق. يُعتبر العديد من منتجي الحليب في بعض البلدان أعضاء وملاكًا مشاركين في الجمعية التعاونية لمنتجي الحليب. حيث تقوم هذه الجمعية بجمع الحليب الخام من أعضائها وبيعه لمعامل التصنيع بأعلى سعر. وتعمل بعض الجمعيات التعاونية ليس فقط على جمع الحليب من أعضائها، بل والعمل على تصنيعه في معاملها الخاصة.

تعمل العديد من الحكومات على تحديد الأسعار الدنيا التي يجب أن تعطى للمزارعين مقابل منتجاتهم من الحليب، وتؤكد السياسة الزراعية الشائعة في الدول الأوروبية على أن يحصل المزارعون على سعر مضمون لإنتاجهم من الحليب شريطة أن تكون منتجاتهم من الحليب مطابقة للمواصفات القياسية. وتشتري الحكومة منتجات مزارع الحليب عندما ينخفض سعر الحليب في السوق عن الحد الأدنى. وقد أدت هذه الترتيبات إلى زيادة كبيرة في الإنتاج والفائض، وأُطلق عليها بحيرات الحليب، ولكن هذا ليس محصورًا على الدول الأوروبية. ففي 1986م، امتلكت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية الحق في بيع منتجات الحليب لحوالي 14,000 منتج. وأيضًا وافق هؤلاء المنتجون على بيع عدد كبير من أبقارهم والبقاء خارج نطاق هذه المهنة لمدة خمس سنوات على الأقل. وقد تم هذا الإجراء من أجل خفض إنتاج الحليب ليتمشى مع الكمية المطلوبة للاستهلاك.

النقل. تقوم معامل تصنيع الحليب بإدارة وتشغيل شاحنات ذات خزانات كبيرة لنقل الحليب من المزارع. وتجمع الشاحنات الحليب من مختلف المزارع كل يومين على الأقل ثم توزعه على أماكن التصنيع. ويكون خزان الشاحنة معزولاً حيث يُحفظ الحليب باردًا حتى في الجو الحار.

يُختبر الحليب في كل مزرعة وتُؤخذ عينات منه وذلك قبل أن يتم ضخه إلى الخزان. وتُعتبر هذه العينات مهمة لأن كل الحليب من مختلف المزارع يُمزج مع بعضه في الخزان. وترسل هذه العينات المأخوذة من كل مزرعة إلى قسم الصحة المحلي والمصنِّعين من أجل اختبار التركيب والنوعية.

أيقونة تكبير كيف يتم معالجة الحليب الكامل.

في معمل التصنيع:

يتم تصنيع كمية كبيرة من الحليب المنتج إلى أنواع مختلفة من الحليب السائل والقشدة. ويُصَنَّع القسم الأكبر من الجزء المتبقي ويُحوَّل إلى منتجات الألبان الأخرى مثل الزبدة والجبنة والآيس كريم.

تُستعمل كمية صغيرة في صناعة نوع خاص من منتجات الحليب تُسمى الحليب الحامض. ويُستعمل هذا الحليب لمعالجة الاضطرابات المعوية. ونناقش فيما يلي عملية معالجة الحليب السائل الطازج.

حالما تصل الشاحنة المحملة بالحليب إلى معمل التصنيع يقوم فنيو المختبرات باختبار رائحة وطعم ومظهر الحليب. ويقيسون أيضًا المحتوى الدهني، وعدد البكتيريا، وكمية المواد الصلبة والحموضة. ويختبرون الحليب أيضًا أثناء عملية المعالجة وبعدها. وتساعد هذه الاختبارات على التأكدمن نوعية الحليب ونقائه. حيث يعتبر الحليب من أكثر المغذيات التي يجب اختبارها بدقة.

اختبار نوعية ونقاوة الحليب عملية مستمرة في معامل التصنيع. يستعمل هذا الفني مجهرًا ليختبر أعداد البكتيريا في العينات.
يُضخ الحليب بعد الاختبارات الأولية إلى خزان مبرّد. ويمرر على المصفِّي وهو في طريقه إلى الخزان حيث تعمل هذه الآلة على إزالة الشعر والغبار أو أي مواد أخرى يمكن أن توجد في الحليب. ويمر الحليب بخمسة مراحل أساسية وذلك بعد أن يُضخ من الخزان. وهذه المراحل على الترتيب هي: 1- الفصل أو التوحيد القياسي 2- البَسْتَرة (التعقيم) 3- التجنيس 4- التدعيم 5- التعبئةالفصل أو التوحيد القياسي .

يتم فرز جزء من الحليب الطازج الآتي من الخزان، والباقي يتم توحيده. وخلال عملية الفرز تُفصل القشدة أو الزبدة من الحليب آليًا. ويُستخدم جزء من القشدة في صناعة الزبدة والجزء الآخر يُعبأ في زجاجات أو يستخدم لإنتاج منتجات أخرى. أما الجزء الباقي من الحليب المنزوع القشدة فيمكن أن يعبأ في زجاجات للاستعمال، أو يُستخدم في تصنيع بعض المنتجات الأخرى مثل الجبنة الحلوم. والباقي من القشدة والحليب المنزوع القشدة يُستعمل لتوحيد الحليب الذي لم يتم فصله بعد.

وفي عملية التوحيد القياسي يتم تعديل محتوى الحليب من الدهن عن طريق إضافة القشدة أو الحليب المنزوع القشدة، ويُقاس المحتوى الدهني طالما يتدفق الحليب في الأنابيب، فإذا انخفض المحتوى عن المستوى المطلوب فيتم ضخ قشدة في الحليب. أما إذا ارتفع المحتوى الدهني فيتم ضخ الحليب المنزوع القشدة إلى الحليب. تُمكِّن هذه الطريقة المصنِّعين من إنتاج حليب نسبة الدهن به 2% أو أقل وبشكل متجانس. وأيضًا تؤكد أن محتوى الحليب الكامل من الدهن يتوافق مع المواصفات القياسية الحكومية.

البسترة (تعقيم الحليب) تتضمن عملية تسخين الحليب لقتل البكتيريا المسببة للأمراض. وكل الحليب الذي يباع تقريبًا في الدول الصناعية يكون مبسترًا. ويُبستر معظم الحليب بالحرارة العالية، ولفترة زمنية قصيرة (الطريقة السريعة). وفي هذه الطريقة يتم تسخين الحليب إلى درجة 72°م ولمدة 15 ثانية، ثم يبَّرد بسرعة. كما تتم بسترة بعض الحليب بطريقة الدفعات (الطريقة البطيئة)، حيث يسخن الحليب إلى درجة 63°م ولمدة نصف ساعة، بينما في طريقة ما فوق البسترة يتم تسخين الحليب إلى درجة 138°م ولمدة ثانيتين أو أكثر وبعدها يبَّرد بسرعة.

يَفسد الحليب المعالج بأي طريقة من الطرق المذكورة بسرعة إذا لم يتم حفظه مبردًا، ومع ذلك فإن الحليب المعقّم عن طريق درجة الحرارة العالية جدًا يبقى صالحًا لعدة شهور بدون تبريد. ويُسخن الحليب في هذه الطريقة إلى 149°م ولمدة 6-9 ثوان، ثم يبرد بسرعة ويُخزَّن في حاويات معقمة. ويُدعى الحليب المعالج بهذه الطريقة الأخيرة باسم الحليب المعقَّم.

التجنيس. يتم تقريبًا تجنيس كل الحليب الكامل والحليب منخفض الدهن الذي يباع في الدول الصناعية. ويعمل التجنيس على تحطيم كريات الدهن في الحليب. بحيث لا تطفو على السطح العلوي للحليب. وتتم هذه المجانسة عن طريق آلة تُدعى المُجانِس. حيث تعمل على تمرير الكرات الدهنية من خلال فتحات ضيقة وبضغط عالٍ. وتؤدي هذه العملية إلى زيادة عدد الكريات الدهنية بحيث تحتوي كل قطرة من قطرات الحليب على نفس الكمية من القشدة، وهكذا فالحليب الذي تم تجنيسه يُعطي طعمًا غنيًا أكثر من الحليب الذي لم يتم تجنيسه. ★ تَصَفح: التجنيس .

التدعيم. يعمل على تحسين القيمة الغذائية للحليب عن طريق إضافة مواد غذائية معينة وخاصة الفيتامينات والبروتينات. وتضيف بعض مصانع الألبان فيتامين (د) لأن كميته في الحليب منخفضة. كما يتم دعم الحليب المنزوع القشدة بإضافة البروتين وفيتامين (أ) بالإضافة إلى فيتامين (د). بينما تعمل القليل من مصانع الألبان أيضًا على إضافة فيتامينات أخرى وبعض المواد المعدنية إلى الحليب.

آلات التعبئة
التعبئة. تعتبر المرحلة الأخيرة في عملية تصنيع الحليب. حيث تقوم آلة الحليب الأوتوماتية بملء العبوات وإغلاقها، والعبوات مصنوعة من الورق المقوّى أو الزجاج. ويمكن للضوء الفلوري المباشر أن يُحدث أضرارًا للحليب المعبأ في أنواع خاصة من العبوات البلاستيكية حيث يعمل على تحطيم بعض الفيتامينات في الحليب وربما يُغيِّر من نكهته. ولكن هناك بعض العبوات البلاستيكية التي يمكنها أن تعكس أو تمنع دخول الأشعة الضارة كالضوء الفلوري.

وتقوم الشاحنات المبردة بتوزيع الحليب المعبأ إلى المحلات والمنازل. وفي وقت من الأوقات كان توزيع الحليب إلى البيوت شائعًا في كل مكان. أما اليوم فإن توزيع الحليب إلى البيوت بات قليلاً مقارنة بتلك الأوقات. وتقوم العائلات بشراء الحليب من الأسواق المركزية الكبيرة أو من محلات بيع التجزئة.

الإنتاج العالمي من الحليب

تنتج الماشية الموجودة في العالم ـ والتي يبلغ عددها حوالي 222 مليون رأس ـ 470 مليون طن من الحليب سنويًا. ويختلف إنتاج الحليب بشكل كبير من بلد إلى آخر. ويعتمد هذا على وسائل التعبئة المستخدمة وعلى الظروف الجوية. يُعتبر الاتحاد السوفييتي (سابقًا) المنتج الأكبر للحليب في العالم، حيث كان يمتلك حوالي 43 مليون رأس من الماشية الحلوب التي تُنتج حوالي 106 ملايين طن متري من الحليب سنويًا.

أما الولايات المتحدة فتأتي في المرتبة الثانية ولديها حوالي 11 مليون رأس من الماشية الحلوب التي تُنتج أكثر من 66 مليون طن متري سنويًا، وتحتل الهند المركز الثالث في إنتاج الحليب البقري حيث تنتج حوالي 23 مليون طن من الحليب من 25 مليون رأس بقرة حلوب. وتُعد الولايات المتحدة من الدول ذات المتوسط المرتفع في إنتاج البقرة الواحدة حيث تنتج البقرة 4,6 أطنان سنويًا. وفي السويد والدنمارك وهولندا تنتج البقرة 6 أطنان سنويًا.

تاريخ صناعة الحليب

لم يُعرف حتى الآن متى بدأ الإنسان في استخدام حليب الحيوانات غذاءً. وعلى كل حال، فلقد عمل البابليون والمصريون القدماء والهنود القدماء على تربية الحيوانات اللبونة منذ سنة 4000 ق.م. فقد كانت بقرة العائلة في ذلك الوقت هي المصدر الرئيسي للحليب. حيث كانت العائلة تستهلك ما يلزمها من الحليب وتبيع الباقي إلى جيرانها. ومازال هذا العمل شائعًا في بعض أجزاء من العالم.

ومع نمو المدن وتوسعها، وُضعت قوانين تمنع وجود الأبقار ضمن حدود المدن، ولذلك بدأ مربو الأبقار خارج حدود المدن ـ بزيادة حجم قطعانهم، وتأسيس أعمال تجارة الحليب.

ساعد على تطور صناعة الحليب العديد من الاختراعات وعمليات التصنيع الجديدة، ففي عام 1856م حصل المخترع الأمريكي جيل بوردن على براءة اختراع لمعمل الحليب المكثف. وفي عام 1864م، قام العالم الفرنسي لويس باستير بتطوير عملية البَسْتَرة التي تبنتها مصانع الألبان في التسعينيات من القرن التاسع عشر.

وفي منتصف ثمانينيات القرن العشرين، بدأ بعض الباحثين في الولايات المتحدة الأمريكية بحقن بعض الأبقار بمادة تم تركيبها في مختبراتهم أطلقوا عليها اسم تروبين البقر الجسدي، وهي مادة شبيهة بتروبين البقر الجسدي الطبيعي. وتروبين البقر الجسدي الطبيعي هو هورمون النمو الذي تفرزه الغدة النخامية. ويعمل الهورمون الصناعي على زيادة كميات الهورمون الطبيعي في الأبقار. وفي عام 1985م، أعلنت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية صلاحية حليب الأبقار التي حقنت بالهورمون الصناعي للاستهلاك البشري. وفي عام 1993م، أجازت هذه الإدارة استخدام الهورمون الصناعي بصفة تجارية. وأصبح الآن أكثر من 30% من حليب الأبقار الذي يشربه الأمريكيون من أبقار تحقن بهذا الهورمون. انتشر استخدام هذا الهورمون في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، ولم توافق على استخدامه كندا ودول الاتحاد الأوروبي.

إختبر معلوماتك :

  1. ما المنتجات الغذائية الشائعة التي تُصنع من الحليب؟
  2. ما جمعيات الحليب التعاونية؟ وما غرضها؟
  3. لماذا يهضم بعض الناس كمية قليلة من الحليب؟
  4. ماذا يحدث للحليب أثناء عملية البسترة؟ وخلال عملية التجنيس؟
  5. ماذا تعني الدرجة (أ) أو الدرجة (1) من الحليب؟ وماذا يعني الحليب الخام؟
  6. ماذا يختبر فنيو المختبرات في مصانع الحليب؟
  7. لماذا يُعد الحليب غذاء عالي القيمة؟
  8. ما الحيوانات الأخرى التي تمد الإنسان بالحليب إلى جانب الأبقار؟
  9. كيف يعمل المزارع على وقف نمو البكتيريا في الحليب الخام؟
المصدر: الموسوعة العربية العالمية