الرئيسيةبحث

الحيوان، علم ( Zoology )



عالم حيوان يدرس حياة الطيور بوضع حلقات تمكن من متابعة أحوالها.
الحيـوان، علـم. علم الحيـوان يَدْرُس الحيـوانات وكل ما يخصُها. ويحاول علماء الحيوان الإجابة عن كثيرٍ من الأسئلة حول حياة الحيوانات. فهم يحاولون على سبيل المثال، القيام بالأبحاث لتقرير كيفية ممارسة الحيوانات نشاطاتها المعيشية. كذلك يدرسون كيفية انتماء الأنواع المختلفة بعضها لبعض، وكيف تطورت الأنواع عبر فترات زمنية طويلة. ويراقب العلماء الوسائل التي تتفاعل بها الحيواناتُ بعضها مع بعض، وكذلك مع بيئتها. ويحاولون أيضاً التوصل إلى معرفة كيفية تأثير النّاس والحيوانات كل على الآخر.

أفادت دراسات علم الحيوان الإنسان بأشكال كثيرة، حيث يتشابه الإنسان والحيوان في كثير من الأعضاء ووظائف الجسم. ونتيجة لذلك، يشكل علم الحيوان قاعدة مهمة للطب البشري والمجالات الصحية المتعلقة به. وتعتبر بعض الحيوانات مثل الحشرات والديدان ضارة بالناس. وقد أدت أبحاث علم الحيوان إلى استخدام أساليب أفضل في التعامل مع هذه الحيوانات. كذلك ساعدت دراسات علم الحيوان على تنظيم الحياة الفطرية والمصادر الطبيعية، وفي تهجين الحيوانات الأليفة.

ماذا يدرس علماء الحيوان

لا يُعرف على وجه التحديد كم عدد أنواع الحيوانات الموجودة في العالم. فقد تم التعرف على أكثر من مليون نوع، وهناك أنواعٌ أخرى جديدة يتم اكتشافها كل سنة. ولا يستطيع عالم الحيوان إلا معرفة جزء بسيط من المعلومات عن الحيوانات. ونتيجة لذلك يتخصص علماء الحيوان في مجالات دراسية معينة.

يبحث الكثير من فروع علم الحيوان في أنواع محددة من الحيوانات. فعلى سبيل المثال، يبحث علم الحشرات في دراسة أكبر مجموعة من الحيوانات، وهي الحشرات. كما يهتم علم الثدييات بدراسة الحيوانات التي لها شعر وتغذي صغارها باللبن. أما علم الأسماك فيتعلق بدراسة الأسماك. وربما يقضي عالم الحيوان جل عمره في دراسة نوع واحد فقط من الحيوانات.

تبحث مجالات علم الحيوان الأخرى في صفات معينة يشترك فيها كثير من الحيوانات. فعلم التصنيف، مثلاً، يختص بتسمية الحيوانات وتصنيفها. ويقومُ علماء التصنيف، كجزء من عملهم، بوضع أسس للعلاقات بين مجاميع الحيوانات المختلفة. فقد أظهروا، على سبيل المثال، أن الخفافيش أكثر قرباً ومشابهة للفئران والثدييات منها إلى الطيور. كذلك فإن علم التشريح المقارن ماهو إلا دراسةٌ لأوجه التشابه والاختلاف في أجزاء الجسم لحيوانات مختلفة. فقد يقوم عالم التشريح المقارن بمقارنة للجهاز الدوري في أسماك القرش والضفادع والقطط. أما علم الإحاثة (الأحافير) فيقوم بدراسة الكائنات المتحجّرة. وقد ساهم كل من علماء الإحاثة والتشريح المقارن بشكل كبير في إثراء المعرفة حول تطور كثير من الحيوانات.

يقوم علماء الحيوان المختصون في علم الأجنة الذي يُعرف أيضاً بعلم الأحياء النموّي، بالتعامل مع تكوين ونمو أنواع الحيوانات ابتداءً من البيضة المخصبة وحتى الولادة. أما علم وظائف الأعضاء فيقوم بدراسة الوظائف في الحيوانات. ويراقب علماء وظائف الأعضاء كيفية ضخ الدم من القلب، وكيفية إرسال النبضات العصبية بوساطة الأعصاب وكيفية انقباض العضلات.

وتشمل مجالات علم الحيوان الأخرى علم الوراثة وعلم البيئة. ويختص علم الوراثة بدراسة الصفات الوراثية وكيفية انتقالها من الآباء إلى المواليد. ويعتبر هذا المجال ذا أهمية في علم الحيوان من أجل تهجين الحيوانات الزراعية، ومعرفة الكثير عن أمراض معينة قد تصيب الإنسان. كذلك استطاع علماء الهندسة الوراثية تغيير المورِّثات ★ تَصَفح: الهندسة الوراثية. أما علم البيئة فهو دراسة العلاقة بين الكائنات الحيّة وبيئاتها. وتساعد المعرفة بعلم البيئة في إدارة المصادر المحدودة على الأرض دون إلحاق الضرر بالمجاميع النباتية والحيوانية.

كيف يعمل علماء الحيوان

يعمل كثير من علماء الحيوان في مختبرات حديثة في الجامعات ومراكز البحوث وحدائق الحيوانات والمتاحف. كما يقوم آخرون بدراسات حقلية. كما يمكن أن تتم هذه الدراسات في حظائر الحياة الفطرية أو في القطب الشمالي أو في الأدغال أو في البحر أو في أي مكان آخر تعيش فيه الحيوانات.

يقوم علماء الحيوان مثلهم مثل غيرهم من العلماء بالأبحاث عن طريق جمع المعلومات بشكل منظّم. وعادةً ما يبدأ هؤلاء العلماء أبحاثهم عن طريق الملاحظة. فقد يُلاحظ أحد علماء الحيوان في مختبر ما، على سبيل المثال، أن بعض الجرذان أصغر حجماً من غيرها. وبعدما يحاول ذلك العالم تفسير سبب صغر الجرذان عن طريق الاستقصاء العلميّ المعروف باسم الفرضية العلمية، حيث يفترض نقصًا في مادة تؤثر في النمو الطبيعي.

بعد اختيار الفرضية، يبدأ العالم بفحصها من خلال إجراء سلسلة من التجارب. وفي مثل هذه الحالة، قد يقوم العالم بفحص دم الجرذان ليرى إذا كان أي من المواد غير موجود في دم الجرذان صغيرة الحجم. ولنفترض في مثل هذه الحال أنه وجد أن المادة المعروفة بهورمون النمو غير موجودة في الجرذان الصغيرة، وأن حقن هذا الهورمون أعاد لهذه الجرذان نموها الطبيعي. عندئذ، قد يأتي ذلك العالم بنظرية تقوم بالربط بين تلك المادة والنموّ. فقد تقول النظرية ـ مثلاً ـ إن هورمون النموّ ضروري لنموّ الجرذان الطبيعي. وتمحيص هذه النظرية في ظروف مختلفة ولفترات طويلة ربما يؤكدها أو يبطلها.

وعندما يتوصل أحد علماء الحيوان إلى إضافات من المعرفة في علم الحيوان فإنه يقوم بكتابة تقارير عن ذلك. وتُنشر مثل هذه التقارير في مجلات علمية يقرؤها علماء الحيوان وآخرون من ذوي الاهتمام.

نبذة تاريخية:

قام الفيلسوف الإغريقيُّ أرسطو خلال القرن الرابع قبل الميلاد بوصف أشكال وعادات الحيوانات التي كانت موجودة في اليونان. وقد وضع استنتاجاته بناء على ملاحظاته الخاصة وملاحظات الآخرين. ويُدعى أحياناً بأبي علم الحيوان. كما قام الطبيب الإغريقي جالينوس بدراسة التشريح وعلم وظائف الأعضاء في القرن الثاني للميلاد. وقد وضع ملاحظاته من خلال تشريح الحيوانات وإجراء التجارب على الحيوانات الحية. وكان لجهد جالينوس الأثر الأكبر في بداية مهنة الطب.

برع الأطباء العرب والمسلمون الأوائل في تشريح الأجسام الحية والميتة ؛ من ذلك ما قام به ابن طفيل (ت581 هـ، 1185م) فقد ذكر ـ بعد أن شرَّح ظبية حية وشق عن قلبها ـ أن الدم الموجود في القلب كالموجود في سائر الجسد، وأنه يتجمد إذا سال من الجسم. ★ تَصَفح: العلوم عند العرب والمسلمين (الطب). وبعد نحو ثلاثة قرون ونصف قام عالم التشريح أندرياس فزاليوس، وهو من مواليد ما يعرف حالياً ببلجيكا، بمعارضة جالينوس في كتابه بنية جسم الإنسان (1543م). وقد اشتمل هذا الكتاب على أوّل تشريح مفصّل لجسم الإنسان. ومازال الكثير من ملاحظات فزاليوس الدقيقة مقبولة حتى وقتنا هذا. كما أدى تطوير المجهر المركب إلى كثير من الاكتشافات، حيث تم بفضله ولأول مرة ملاحظة الخلايا والجراثيم والأوليات.

تم التوصل إلى كثير من الكشوف في مجال علم الحيوان خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين ؛ فقد نشر عالم الطبيعة السويدي كارولوس لينيوس عام 1758م نظام تصنيف للحيوانات، مكّن كل العلماء من استخدام أسماء علمية مقبولة عالمياً لكل حيوان يتم اكتشافه. وفي مطلع القرن التاسع عشر ساهم العالم الفرنسي البارون كوفييه بشكل كبير في مجالات علمَيْ الإحاثة والتشريح المقارن، وتوصل إلى أن العديد من الحيوانات قد انقرضت. ★ تَصَفح:التصنيف العلمي.

اعتقد معظم الناس حتى نهاية القرن الثامن عشر أن الكائن يبقى على حاله دون تغيير، و أن أنواعا جديدة لم تظهر منذ تكوين هذا العالم. وفي عام 1809م، وضع عالم الطبيعة الفرنسي جان بابتيست دي لامارك نظريته حول تطور أنواع جديدة بسبب تأثير البيئة. فقد قال لامارك على سبيل المثال، إن الزرافات لها أعناق طويلة اكتسبتها حتى تستطيع الوصول إلى أوراق الأشجار. وأضاف أن صفة الأعناق الطويلة توارثتها الأجيال المتعاقبة من الزرافات. إلا أن ما تبع ذلك من اكتشافات في علم الوراثة أثبت خطأ لامارك، ومع ذلك فقد تأثر الكثيرون من العلماء بأفكاره، وكان من بينهم عالم الطبيعة الإنجليزي تشارلز داروين الذي قدم مساهمات كثيرة في علم الحيوان. وفي عام 1859م، نشر داروين كتابه أصل الأنواع الذي يعتبر واحداً من أشهر الكتب في مجال علم الحيوان. قدم داروين في هذا الكتاب نظرية الانتخاب الطبيعي في محاولة لتفسير حدوث التطور، وقد لاقت هذه النظرية معارضات شديدة من قبل علماء كثيرين من جميع أنحاء العالم في مقابل تأييدها من قبل علماء آخرين. ★ تَصَفح: النشوء والارتقاء ؛ الانتخاب الطبيعي .

تواصلت الاكتشافات المهمة في علم الحيوان خلال القرن العشرين الميلادي. وقد تم الكثير منها في مجالات علم الوراثة وعلم وظائف الأعضاء وعلم الأجنة. كذلك شهد منتصف القرن العشرين تطور مجال مهم في علم الحيوان يعرف بعلم الإيثولوجيا، وهو دراسة سلوك الحيوانات. وقد ساعد عالم الطبيعة النمساوي كونراد لورنز على وضع أساس لهذا العلم من خلال دراسته لسلوك الأوز.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية