الرئيسيةبحث

الإسفنج ( Sponge )



الإسفنج حيوان يعيش في قاع المحيطات، وغيرها من المسطحات المائية. وليس للإسفنج رؤوس أو أذرع أو أعضاء داخلية. وتعيش حيوانات الإسفنج ملتصقة بالصخور والنباتات، وغيرها من الأشياء الموجودة تحت سطح الماء. والإسفنج المكتمل النمو لا يتحرك من مكان لآخر ؛ ولهذا فهو يشبه النباتات. ومن ثم ظن الناس في السابق أن الإسفنج نوع من النبات. ويصنف العلماء اليوم الإسفنج على أنه من الحيوانات. وهو كسائر الحيوانات الأخرى يأكل غذاءً لا يمكن أن يصنعه بنفسه كما تفعل النباتات.

ويوجد من الإسفنج ما يقرب من 5,000 نوع يعيش معظمها في المحيطات ؛ إلا أن القليل منها يوجد في البحيرات، والأنهار وغيرها من مناطق المياه العذبة. وبإمكان الإسفنج العيش في المياه العميقة، والضحلة على السواء ؛ وتعيش معظم أنواع الإسفنج البحري في البحار الدافئة أو المدارية.

ويعد الإسفنج واحدًا من أقدم أنواع الحيوانات. إذ وُجِدَت أحافير لإسفنج بحري كان يعيش قبل 500 مليون عام. واستخدم الإنسان الإسفنج للنظافة والاستحمام منذ قرون عديدة. وتعد هياكل بعض أنواع الإسفنج أدوات جيدة للتنظيف ؛ نظرًا لكونها ناعمة وتمتص قدرًا كبيرًا من الماء. وتقوم الآن جماعات الصيد التجاري بتجميع الإسفنج الخاص بالاستحمام من البحر الكاريبي والبحر الأبيض المتوسط. إلا أن معظم الإسفنج المستخدم في النظافة ينتج صناعيًا.

أجسام الإسفنج

جسم الإسفنج يحتوي على ممرات كثيرة تسمح بجريان الماء من خلال جسم الحيوان، وكما هو مبين في المقطع، فإن الخلايا الطوقية تمسك بأجزاء الغذاء القابلة للهضم داخل الماء.
يتباين الإسفنج تباينًا واضحًا، في الشكل واللون والحجم ؛ فيكون بعضه مستديرًا بينما يشبه بعضه الآخر المزهريات في الشكل.

ويتخذ كثير من الإسفنج شكل الجسم الذي ينمو عليه، مكونًا قشرة حية على ذلك الجسم. ويتفاوت لون الإسفنج البحري من اللون الأصفر الفاقع، أو البرتقالي، أو الأرجواني إلى الرمادي، أو البني. وقد يأخذ الإسفنج الذي ينتمي إلى نوع واحد ألوانًا متعددة مختلفة. وأغلب إسفنج المياه العذبة إما أخضر اللون وإما أرجواني وإما رمادي. ويبلغ طول قطر أصغر نوع من الإسفنج ما يقرب من 2,5سم، بينما ينمو أكبرها ليصل طول قطره أكثر من 1م.

فتحات الجسم:

يوجد على جسم الإسفنج نوعان من الفتحات هما: 1- ثقوب صغيرة تسمى الثغور، 2- فتحة كبيرة تسمى الفويهة. هذه الثقوب الصغيرة تسمح بدخول الماء إلى جسم الإسفنج، بينما يخرج الماء من الجسم عن طريق الفويهة. أما في حالة الإسفنج الأكثر تطورًا، فتقوم شبكة من القنوات بنقل الماء الداخل عبر الثغور إلى كل أجزاء جسم الإسفنج، ويؤدي الماء إلى وصول النباتات والحيوانات الدقيقة إلى الإسفنج. ويتم التخلص من الفضلات مع المياه عن طريق الفويهة.

الخلايا الخاصة:

تؤدي القنوات التي تمر خلال جسم الإسفنج إلى العديد من الفجوات الصغيرة. هذه الفجوات مبطنة بخلايا تسمى الخلايا القمعية، وتعرف كذلك بالخلايا الطوقية. ولكل منها نسيج رقيق أو طوق، يكوّن شبكة تحتجز جزيئات الطعام. وكذلك يحمل كل منها بنية على هيئة الخيط يطلق عليها اسم السوط وتتحرك أسواط الإسفنج من حوله مما ينجم عنه تدفق التيارات المائية حول جسمه.

وإضافة إلى هذه الخلايا القمعية، يحتوي جسم الإسفنج على أنواع أخرى من الخلايا التي يشكل بعضها نسيجًا يغطي جسم الإسفنج وجدران القنوات بداخل الجسم. وتتحرك الأنواع الأخرى من الخلايا بحرية داخل جسم الحيوان. ولهذه الخلايا عدة وظائف مختلفة. فعلى سبيل المثال، يؤدي بعضها إلى التئام الجروح التي تصيب الجسم، بينما يضطلع بعضها الآخر بدور حيوي ألا وهو التكاثر. وتُنتِج خلايا أخرى المواد الخاصة بهيكل الإسفنج.

الهيكل:

هناك أنواع عديدة من هياكل الإسفنج فلمعظم الإسفنج هيكل معدني يتكون من شُوَيْكات دقيقة شبيهة بالإبر، وهي مكوَّنة من مادة كربونات الكالسيوم (الحجر الجيري) أو من السليكا، وهي مادة معدنية شبيهة بالزجاج. ويحتوي هيكل الإسفنج الذي يستعمل للاستحمام على ألياف بروتينية بنية اللون فقط تسمى الإسفنجين. وهيكل الإسفنجين هو الذي يبقى في إسفنج الاستحمام بعد موته وإزالة خلاياه. وللعديد من الإسفنج هيكل مكون من المكوِّنات الشوكية المعدنية، وألياف الإسفنجين. أما في الأنواع الأخرى من الإسفنج فيحتوي الهيكل على مادة شوكية مكونة من السليكا وألياف إسفنجية وقاعدة ضخمة من بلورات الحجر الجيري.

ويُكوِّن هيكل الإسفنج إطارًا يدعم ويحمي جسم الإسفنج. وقد تكون الشويكات منظمة في حزم، تكوِّن شباكًا هندسية قوية. وينمو عديد من الشويكات حول الفويهة في كثير من الإسفنج. وتحمي تلك الشويكات الإسفنج من الحيوانات الأخرى التي تحاول التهامه أو الدخول داخل جسمه.

كيفية تكاثر الإسفنج

يتكاثر الإسفنج جنسيًا، ولا جنسيًا ؛ ففي حالة التكاثر الجنسي، ينشأ إسفنج جديد من اندماج خليتين جنسيتين. أما في حالة التكاثر اللاجنسي فينشأ إسفنج جديد بطرق أخرى لا تتضمن خلايا جنسية، ولمعظم الإسفنج القدرة على استبدال أجزاء جديدة. وتسمى هذه العملية بعملية التجدد.

التكاثر الجنسي:

يبدأ عندما تبدأ البيضة (أي الخلية الجنسية الأنثوية) في النمو داخل جسم الإسفنج الأم. وتمتص البيضة في البداية الغذاء من بين السوائل المحيطة بالجسم. ثم تقوم بابتلاع خلايا تُعرف بالخلايا الحاضنة التي توفر بدورها احتياطيًا من الغذاء. ثم يتم تخصيب البيضة عندما تصبح كاملة النمو بوساطة النطفة (الخلية الجنسية الذكرية). وينتج بعض أنواع الإسفنج كلاً من البيضة والنطفة. وفي هذه الأنواع قد يتم تخصيب البيضة بنطفة من نفس الحيوان، بينما تنتج الأنواع الأخرى إما البيوض فقط وإما النطاف فقط. وفي هذه الأنواع، يطلق إسفنج آخر النطاف في المياه المحيطة، حيث تدخل النطفة إلى جسم الإسفنج الأم مع الماء عن طريق الثغور وشبكة القنوات لتخصب البيضة. وبعد تخصيبها، تنمو البيضة تدريجيًا إلى يرقة مغطاة بخلايا ذات أسواط تتحرك بسرعة، مما يمكن اليرقة من السباحة خارجة عبر القنوات الموجودة بالإسفنج، وتساعدها التيارات المائية على ذلك. وتخرج اليرقة من الفويهة ثم تسبح لمدة تبلغ عدة ساعات إلى عدة أيام، ثم تلتصق بسطح مناسب في قاع الجسم المائي، وتنمو لتصبح إسفنجًا مكتمل النمو.

التكاثر اللاجنسي:

قد يحدث هذا النوع من التكاثر في الإسفنج بطرق متباينة. وفي كل الأحوال، فإنه يتضمن خلايا تسمى الخلايا البدائية ليس لها وظائف متخصصة. ولهذه الخلايا القدرة على النمو في أي شكل من أشكال الخلايا بجسم الإسفنج. وخلال فترة التكاثر اللاجنسي تنمو مجموعة من الخلايا البدائية في كل نوع من أنواع الخلايا المطلوبة لاستحداث إسفنج جديد.

وقد يتكاثر الإسفنج لا جنسيًا بالتبرعم. ومن خلال هذه العملية، تنمو براعم أو أغصان مليئة بالخلايا البدائية على جسم الإسفنج الأم. وقد تسقط هذه النتوءات من جسم الأم أو قد تبقى ملتصقة به. ثم تتحول في النهاية لتصبح إسفنجًا جديدًا.

وتتكاثر بعض أنواع الإسفنج البحري ومعظم إسفنج المياه العذبة تكاثرًا لا جنسيًا بوساطة تكوين بريعمات وهي كتل من الخلايا شبيهة بالبراعم تحتوي على مجموعة من الخلايا البدائية توجد بداخل صدفة إسفنجين صلبة.

وغالبية البريعمات مقواة بشويكات، وهي مصممة بشكل نموذجي، للتكيف مع الطقس البارد أو الطقس الحار. ونتيجة لحمايتها داخل صدفات البريعمات، يمكن للخلايا البدائية مقاومة فترات الجفاف ودرجات التجمد، ولكن قد تموت الإسفنجة الأم. وتفقس البريعمات عند عودة الطقس المناسب طارحة الخلايا البدائية التي تنتشر على الأسطح الصلبة مكونة إسفنجًا جديدًا.

التجدد:

تتيح إمكانات التشكل التي تمتاز بها الخلايا البدائية للإسفنج قدرات بالغة من التجدد. ومن السهولة بمكان استبدال أو تعديل حتى الأجزاء الكبيرة من جسم الإسفنج التي تصاب أو تفقد. ولقد قام الباحثون، في هذا الصدد، بتجارب مخبرية تم فيها ضغط الإسفنج بوساطة قطعة قماش ناعمة جدًا بحيث انشطرت أجزاء جسم الإسفنج إلى خلايا منفصلة أو عناقيد من الخلايا ؛ وعندما أعيد وضع هذه الخلايا في الماء، بدأ بعضها يتحرك نحو بعض لتشكل عناقيد خلايا دائرية. ثم أعادت الخلايا تنظيمها لتصبح إسفنجات متكاملة مرة أخرى.

أنواع الإسفنج

أيقونة تكبير بعض أنواع الإسفنج
يمثل الإسفنج شعبة، أي مجموعة رئيسية في المملكة الحيوانية يطلق عليها اسم شعبة المساميات أو الإسفنجيات. ويقسم علماء الحيوان الإسفنج إلى أربع طوائف تقوم أساسًا على المظاهر الهيكلية الشائعة.

وينتمي الإسفنج ذو الهيكل المكون من الحجر الجيري إلى طائفة الكلسيات. ويعيش معظم أنواع هذه الطائفة في الأجزاء الضحلة من المحيطات ؛ إلا أنه قد أمكن العثور على بعضها في أعماق تصل إلى 4,000م. وينتمي الإسفنج الصغير سايكون إلى هذه المجموعة.

وتحتوي الطائفة الثانية على الإسفنج البحري ذي الهيكل المكون من السليكا، ويطلق عليها اسم طائفة سداسية الفروع، وتسمى عادة بالإسفنج الزجاجي. وتشكل أشواكها أنماطًا هندسية جميلة ؛ وقد عثر عليها في عمق يصل إلى 7,000م تحت سطح البحر. ويعتبر الإسفنج من نوع سلة زهور فينوس نوعًا من الإسفنج الزجاجي واسع الانتشار. ولبعض أنواع الإسفنج الذي يعيش في المحيط هيكل من السليكا والإسفنجين مع وجود قاعدة سميكة من الحجر الجيري. وتكوِّن هذه الأنواع من الإسفنج طائفة الإسفنجيات الصلبة، التي تعيش عدة أنواع منها في كهوف تحت الماء. ويرتبط أعضاء هذه الطائفة ارتباطًا وثيقًا بالإسفنج البحري الذي عاش قبل مئات الملايين من السنين.

وتنتمي كل أنواع إسفنج المياه العذبة ومعظم أنواع الإسفنج البحري إلى طائفة الإسفنجيات النصفية. ولمعظم أعضاء هذه الطائفة هيكل عظمي مكون من السليكا أو الإسفنجين أو كليهما. ولعل من بين الأنواع البحرية الشائعة الإسفنج ذو الذقن الأحمر، والإسفنج شبيه كتلة صوف الأغنام، والإسفنج الكبريتي وإسفنج الحمام.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية