الرئيسيةبحث

الغابة ( Forest )



الغابات في العالم
الغابة مساحة كبيرة من الأرض مغطاة بالأشجار، لكنها أكثر بكثير من كونها أشجارًا فقط ؛ لأنها تشمل أيضًا نباتات أخرى أصغر حجمًا مثل الطحالب والشجيرات والأزهار البرية. وبالإضافة إلى ذلك فإن أنواعًا عديدة من الطيور والحشرات والحيوانات الأخرى، تهيئ لنفسها مساكن داخل الغابة. كما تعيش في الغابة ملايين الأحياء الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة.

يحدد المناخ والتربة وموارد المياه أنواع النباتات والحيوانات التي يمكن أن تعيش في الغابة. وتشكل هذه الأحياء وبيئاتها بصورة مشتركة النظام البيئي للغابة. وأي نظام بيئي يتكون من جميع الأحياء وغير الأحياء في مساحة معينة والعلاقات التي تربط بينها.

يُعَدّ النظام البيئي للغابة نظامًا شديد التعقيد. تستعمل الأشجار والنباتات الخضراء الأخرى ضوء الشمس، لتصنيع غذائها من الهواء والماء والأملاح التي تحصل عليها من التربة. وتُستعمل هذه النباتات غذاءً لبعض الحيوانات. وهذه الحيوانات بدورها، تكون غذاء لحيوانات أخرى. وبعد أن تموت النباتات والحيوانات تتحلل بقاياها بوساطة البكتيريا والأحياء الدقيقة الأخرى، مثل الأوليات (البروتوزوا) والفطريات. وتعيد هذه العملية الأملاح المعدنية إلى التربة حيث تستعملها النباتات الخضراء مرة أخرى. وكثير من أشجار الغابات تعيش مئات السنين، وعندما تموت تسقط إلى أرضية الغابة، وتتحلل وتزيد من خصوبة التربة. وتُستبدل بالأشجار الميتة أشجار جديدة تظهر بادرات في فراغات الغابة. وإذا أديرت الغابة إدارة جيدة فإنها تمدنا بمصدر دائم للخشب ومنتجات أخرى.

غابات الخيزران التي تنمو في المناطق الاستوائية أو في المناطق الدافئة المعتدلة المناخ ليست غابات حقيقية. فالخيزران عشب ضخم عملاق ينمو في مساحات ضخمة ويوصف بأنه غابة ويؤمن نظامه البيئي الخاص به.

وقبل أن يبدأ الناس في إزالة الغابات لإقامة المزارع والمدن، كانت الغابات تغطي مساحات شاسعة بلغت حوالي 60% من مساحة الأرض في العالم. وتحتل الغابات حاليًا حوالي 30% فقط من مساحة الأرض. وتختلف الغابات كثيرًا من جزء إلى آخر في العالم. فعلى سبيل المثال تختلف الغابات الاستوائية المنخنقة بالمتسلقات المشبعة بالبخار، في أواسط إفريقيا، كثيرًا عن غابات الراتينج والتَّنُوب الباردة الشاهقة في شمالي كندا.

وتقدم هذه المقالة معلومات عن أهمية الغابات ووصفًا لتركيبها. كما تناقش أيضًا الأنواع الرئيسية للغابات في العالم، وتشرح كيف تغيرت الغابات وتطورت عبر القرون. وأخيرًا تصف كيف أسهمت ممارسات الإنسان في تدمير العديد من مناطق الغابات. وللحصول على معلومات مفصلة عن منتجات الغابات وإدارة الغابات، ★ تَصَفح: منتجات الغابة ؛ علم الغابات.

أهمية الغابات

كانت الغابات دائمًا ذات أهمية بالغة للإنسان. حصل إنسان ماقبل التاريخ على غذائه في الغالب من صيد الحيوانات وجمع النباتات البرية. وكثير من هؤلاء الأوائل كانوا يعيشون في الغابة جزءًا من مكوناتها الطبيعية. ومع تقدم الحضارات، استقر الناس في القرى والمدن. لكنهم كانوا يعودون للغابة للاحتطاب والصيد. وفي عصرنا هذا يعتمد الناس على الغابات للآتي: 1- قيمتها الاقتصادية 2- قيمتها البيئية 3- قيمتها الترويحية.

القيمة الاقتصادية:

توفر الغابات منتجات عديدة. فالمادة الخشبية من أشجار الغابات توفر أخشاب الصناعة الخام وخشب الأبلكاش ورقادات السكك الحديدية ونشارة الخشب. كما تستعمل في صناعة الأثاث، ومقابض الأدوات وآلاف المنتجات الأخرى. وفي أجزاء كثيرة من العالم يعد الخشب المصدر الرئيسي للوقود لأغراض الطبخ والتدفئة.

تتحول الأخشاب بطرق تصنيعية مختلفة إلى منتجات عديدة متباينة. ويعد الورق أحد أعلى المنتجات المصنَّعة من الخشب قيمة. وتشمل منتجات الأخشاب المصنَّعة الأخرى السيلوفان والبلاستيك وأنواعًا من الألياف، مثل الرايون والأسيتات.

وتوفر الغابات أيضًا منتجات عديدة مهمة بالإضافة إلى الخشب. فالعصارة اللبنية التي يصنع منها المطاط والتربنتين مصدرها أشجار الغابات، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الدهون والصموغ والزيوت والشموع، التي يحصل عليها من الأشجار، وتستخدم في الصناعة. وفي بعض المجتمعات البدائية، تمثل نباتات وحيوانات الغابة جزءًا كبيرًا من غذاء المواطنين.

على النقيض من معظم الموارد الطبيعية الأخرى مثل احتياطي الفحم الحجري والنفط والمعادن، فإن موارد الغابات تعد موارد متجددة. وما دامت هناك غابات يمكن أن يعتمد المواطنون على مؤونة ثابتة من منتجاتها.

القيمة البيئية:

تساعد الغابات في صيانة البيئة وإثرائها بطرق عديدة، فعلى سبيل المثال تمتص تربة الغابات كميات كبيرة من مياه الأمطار، وبذلك تمنع الانسياب السريع للمياه الذي قد يتسبب في تعرية التربة والفيضانات بالإضافة إلى ترشيح المياه وهي تتسرب خلال التربة لتصبح مياهًا جوفية. وتوفر المياه الجوفية مصدر مياه نظيفة وعذبة لتغذية الأنهار والبحيرات والآبار.

تساعد نباتات الغابة مثلها مثل كل النباتات الخضراء على تجديد الغلاف الجوي. وعندما تصنع الأشجار والنباتات الخضراء الأخرى غذاءها تُطلق غاز الأكسجين وتأخذ ثاني أكسيد الكربون من الهواء. ويحتاج الإنسان وكل الكائنات الحية الأخرى تقريبًا إلى الأكسجين. وإذا لم تجدد النباتات الخضراء تَدَفُّقَ الأكسجين بصفة دائمة فستتوقف كل الحياة. وتراكم ثاني أكسيد الكربون في الجو قد يحدث تغييرًا كبيرًا في مناخ العالم.

كذلك توفر الغابات مواطن لكثير من النباتات والحيوانات التي لاتعيش إلا فيها. وفي غياب الغابة تنقرض أنواع عديدة من الأحياء البرية.

القيمة الترويحية:

يوفر الجمال الطبيعي وهدوء الغابة مصدرًا خاصًا للمتعة. وفي كثير من الدول خُصصت مساحات شاسعة من الغابات لمتعة المواطنين. ويستعمل كثير من الناس الغابات لمزاولة أنشطتهم مثل التخييم ورياضة المشي والصيد. ويؤمها بعض آخر للتمتع بالمناظر الجميلة والاستجمام في هذا الجو الهادئ الجميل.

تركيب الغابات

تركيب الغابة. في كل غابة طبقات مختلفة من النباتات. وتشمل الطبقات الأساسية الخمسة بدءًا بأعلاها إلى أدناها 1- الظلة 2-الطبقة السفلى 3- طبقة الشجيرات 4- الطبقة العشبية 5- أرضية الغابة. وتوضح هذه الصورة الطبقات المختلفة كما تبدو في غابة منطقة معتدلة متساقطة الأوراق.
تتكون كل غابة من طبقات مختلفة من النباتات، وتشمل الطبقات الرئيسية الخمس للغابة، بدءًا بأعلاها إلى أدناها:1- الظلة 2- الطبقة السفلى 3- طبقة الشجيرات 4- الطبقة العشبية 5- أرضية الغابة.

الظلة:

تتكون في الغالب من تيجان (فروع وأوراق) أكثر الأشجار ارتفاعًا. وأكثر الأشجار وجودًا في الظلة تعرف بالأشجار السائدة في الغابة. وكذلك تنمو بعض النباتات الأخرى في الظلة، خاصة المتسلقات والنباتات الهوائية. والنباتات الهوائية هي التي تنمو على نباتات أخرى بوصفها دعامة فقط، وتمتص حاجتها من الماء والمواد الأخرى المطلوبة لتصنيع الغذاء من الهواء أو من نباتات أخرى.

تتلقى الظلة إضاءة كاملة من أشعة الشمس. ولذلك فهي تصنع كميات أوفر من الغذاء مقارنة بالطبقات الأخرى. وتكون الظلة في بعض الغابات كثيفة، لدرجة أنها تكون مايشبه السقف فوق الطبقات السفلية. وتعيش آكلات الثمار من الطيور والحشرات والثدييات، التي تأكل الأوراق والثمار في الظلة.

الطبقة السفلى:

تتألف من أشجار أقل ارتفاعًا من أشجار الظلة. وبعض هذه الأشجار تنتمي إلى أنواع أصغر حجمًا وتنمو جيدًا تحت ظلال الظلة. وبعضها الآخر أشجار صغيرة العمر ويتوقع أن تكبر مع مرور الزمن، وتنضم إلى طبقة الظلة. ولأن الطبقة السفلى تنمو في الظل، فإن إنتاجها لايرقى لمستوى إنتاج نباتات الظلة. إلا أن الطبقة السفلى توفر الغذاء والمأوى لكثير من حيوانات الغابة.

طبقة الشجيرات:

تتكون في الغالب من شجيرات. والشجيرات مثلها مثل الأشجار، لها سيقان خشبية، لكن على النقيض من الأشجار، لها أكثر من ساق. ولايصل ارتفاع أي من هذه الفروع إلى ارتفاع الشجرة. أما الغابات ذات الظلة الكثيفة، والتي تحتوي على طبقة سفلى، فتكون طبقة الشجيرات فيها بقعًا متناثرة. وأشجار هذا النوع من الغابات تحجز كميات كبيرة من الضوء بحيث لاتنمو إلا شجيرات قليلة تحتها. ولكن معظم الغابات ذات الظلة والطبقة السفلى المفتوحة، تتميز بكثافة عالية من الشجيرات. وتعيش طيور وحشرات عديدة في طبقة الشجيرات.

الطبقة العشبية:

تتكون من السراخس، والحشائش، والأزهار البرية وغيرها من النباتات ذات السيقان الغضة، كذلك تدخل بادرات الأشجار ضمن هذه الطبقة. ومثلها مثل طبقة الشجيرات، تنمو الطبقة العشبية بكثافة عالية في الغابات ذات الظلة والطبقة السفلى المفتوحة. تصل كميات كافية من ضوء الشمس إلى الأرض مهما كانت كثافة الطبقات الشجرية، وتساعد في نمو بعض الأعشاب. وتعتبر الطبقة العشبية موطنًا لحيوانات الغابة التي تعيش على الأرض. وتشمل هذه الحيوانات الحشرات والعناكب والفئران والطيور والدببة والأيائل.

أرضية الغابة:

تغطيها مجموعات من الطحالب والبقايا المتساقطة من الطبقات العليا. وتتكون أرضية الغابة من الأوراق والفروع وروث الحيوانات، بالإضافة إلى بقايا الحيوانات والنباتات الميتة. وبين هذه الأنقاض قد توجد أعداد خيالية من الأحياء الصغيرة، التي تشمل ديدان التربة والفطريات والحشرات والعناكب، بالإضافة إلى أعداد لاتحصى من البكتيريا، وأنواع أخرى من الأحياء المجهرية. وكل هذه الأحياء تساعد في تحليل المخلفات إلى عناصر كيميائية أساسية، وضرورية لنمو النبات.

أنواع الغابات

هناك عدة طرق ونظم لتصنيف غابات العالم. بعض النظم تصنف الغابة حسب خصائص الأشجار السائدة فيها. فالغابة إبرية الأوراق، مثلاً هي الغابة التي تكون لأشجارها السائدة أوراق طويلة رفيعة شبيهة بالإبر. وتسمى هذه الغابات أيضًا غابات مخروطية (حاملة المخاريط) لأنها تحمل مخاريط تحتوي على البذور. والغابة عريضة الأوراق تتكون في الغالب من أشجار ذات أوراق عريضة ومسطحة. أما الغابات التي تتساقط أوراق أشجارها السائدة في بعض المواسم خلال العام، لتنمو أوراق جديدة فتُصنَّف غابات متساقطة الأوراق (غابات نفضية). وفي الغابة الدائمة الخضرة تتخلص الأشجار السائدة من الأوراق القديمة، وتستبدل بها أخرى جديدة بصفة مستمرة، ولذلك تظل مخضرة طوال العام.

وفي نظم أخرى تُصنَّف الغابات حسب نوعية استخدام الأشجار. فقد تصنف غابة عريضة الأوراق غابة أخشاب صلبة ؛ لأن معظم الأشجار ذات الأوراق العريضة لها أخشاب صلبة تصنع منها قِطع أثات جميلة. وقد تصنف غابة من أشجار ذات أوراق إبرية غابة أخشاب رخوة ؛ لأن معظم الأشجار ذات الأوراق الإبرية، لها أخشاب أقل صلابة من أخشاب الأشجار ذات الأوراق العريضة.

يصنف كثير من العلماء الغابات حسب نظم بيئية مختلفة، وحسب هذه النظم تصنف الغابات المتشابهة في مناخها وتربتها وكميات الرطوبة فيها إلى تكوينات مختلفة، حيث يحدد المناخ والتربة والرطوبة أنواع الأشجار التي يتألف منها أي تكوين. ويمكن تقسيم غابات العالم إلى الأنواع الرئيسية التالية: 1- الغابات الشمالية 2- غابات المناطق المعتدلة 3- غابات البحر الأبيـض المتوسـط 4- الغــابات الاستوائيـــة المطيــرة 5- الغابات المدارية الموسمية 6- غابات مناطق السافانا 7- الغابات الجبلية.

غابة شمالية

الغابات الشمالية:

توجد في مناطق ذات شتاء شديد البرودة وموسم نمو قصير. وتمتد الغابات الشمالية الشاسعة بعرض أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية. هناك أيضًا غابات شبيهة بها، تغطي منحدرات الجبال العالية في هذه القارات.

والغابات الشمالية وتسمى أيضًا تيجا تتميز بأبسط تركيب بين جميع تكوينات الغابات، ولها طبقة واحدة متكسرة ذات أشجار غير متساوية الارتفاع. ويصل ارتفاع هذه الطبقة إلى حوالي 20م. وفي أغلب الغابات الشمالية تكون الأشجار السائدة من ذوات الأوراق الإبرية مستديمة الخضرة، إما راتينجية وتنوبًا، أو راتينجية وصنوبرًا. تقع طبقة الشجيرات في هذه الغابات متناثرة بالرغم من انتشار الشجيرات الصغيرة من حاملات الثمار العنبية مثل التوت البري، وأنواع عنب الغابات الأخرى. وتكوِّن الحزازيات والأشنات طبقة سميكة على أرضية الغابة، كما تنمو على جذوع الأشجار وفروعها. وهناك عدد قليل من النباتات المزهرة.

يتكون كل الجزء الأوسط من هضبة الدرع الكندية من غابات كثيفة من ذوات الأوراق الإبرية. وفي بعض الأماكن ينقطع امتداد الغابات ببحيرات كثيرة وأراضٍ سبخة تسمى مستنقعات.

وتمتد الغابات الشمالية فى روسيا على مدى 10,000كم من بحر البلطيق في الغرب إلى المحيط الهادئ فى الشرق. ويتألف الجزء الغربي من التيجا في الغالب من أشجار الراتينجية النرويجية وراتينجية سيبريا، وتنوب سيبريا، وصنوبر سيبريا. وأكثر أنواع الأشجار انتشارًا في التيجا الشرقية أشجار اللاركس الدوراني. وينمو هذا النوع في تربة فقيرة وله مجموع جذري منتشر وضحل، وهذا المجموع الجذري يستفيد من المياه المتجمعة فوق سطح الجمد السرمدي، وهو طبقة من الأرض متجمدة باستمرار. ومثلها مثل الغابة الشمالية لأمريكا الشمالية، ينقطع امتداد التيجا الروسية بمساحات تغطيها أراض مشبعة بالمياه، ومستنقعات، وأنهار عديدة تجري من الجنوب إلى الشمال، وتصب فى محيط القطب الشمالي.

تعيش كثير من الثدييات الصغيرة مثل الفئران المنزلية وفئران الزرع في الغابات الشمالية. أما الثدييات الكبيرة فتشمل الدب والقندس والإلكة بالإضافة إلى الثعالب والذئاب. وتشمل طيور الغابات الشمالية أبو المنقار المتصالب والطيهوج والصقر وكسار الجوز والبوم والشادي ونقار الخشب.

يعتمد كثير من الطيور والثدييات على بذور الأشجار ذات الأوراق الإبرية في غذائه. وعندما يقل محصول البذور تهاجر الطيور مثل أبو المنقار المتصالب والثدييات مثل السنجاب إلى مسافات طويلة بحثًا عن مصدر جديد للغذاء.

غابة منطقة معتدلة متساقطة الأوراق

غابات المناطق المعتدلة:

تنمو هذه الغابات في مناطق ذات مناخ معتدل، أي ذات صيف دافئ، وشتاء بارد، وكمية جيدة من الأمطار على مدار العام.

غابات المناطق المعتدلة النفضية (متساقطة الأوراق) تتكون في الغالب من أشجار ذات أوراق عريضة متساقطة، تسقط أوراقها في فصل الخريف. وتوجد في شرقي أمريكا الشمالية، ووسط وغربي أوروبا وشرقي آسيا. وهناك تجمعات أصغر حجمًا في نصف الكرة الجنوبي وبخاصة في الصين واليابان وكوريا. وقد تكونت معظم هذه الغابات في العصر الجليدي الأخير، قبل حوالي 10,000 سنة مضت. ولأنها تنمو على تربة خصبة فقد قطعت نسبة كبيرة من هذه الغابات لإفساح المجال للزراعة. ويتراوح ارتفاع الظلة في الغابات النفضية بالمناطق المعتدلة بين 30 و50م. وقد تكون الطبقة السفلى وطبقة الشجيرات والطبقة العشبية كثيفة. وتظهر النباتات المبكرة النمو في الطبقة العشبية في أوائل الربيع، قبل أن تجدد الأشجار أوراقها. وتموت النباتات العشبية طوال فصل الصيف، وتستبدل بها نباتات قادرة على النمو تحت ظلال الأشجار المورقة.

يختلف تكوين الغابات النفضية بالمناطق المعتدلة من غابة إلى أخرى. فعلى سبيل المثال، نجد غابات الزان تتميز بطبقة عشبية فقيرة، وذلك بسبب الظل الكثيف الذي تلقيه أشجار الزان، ولأن أوراق الزان بطيئة التحلل (التعفن) لتكوين الدبال (المادة العضوية).

غابة منطقة معتدلة دائمة الخضرة
تُعَدّ غابات المناطق المعتدلة النفضية من أنواع الغابات الرئيسية في أوروبا. وتشمل أنواع الأشجار التي تتكون منها هذه الغابات، الزان، والدردار، وأشجار النيرية والليمون الحمضي، والقيقب، والبلوط. والغابات في أقصى الشمال قد تحتوي على خليط من الأشجار النفضية ومستديمة الخضرة. وتتكون طبقة الشجيرات من البلسان، والزعرور، والبندق، وصريمة الجَدْي، والورد البري. وتشمل النباتات ذات الألوان الزاهية في الطبقة العشبية الجريسيات، وزهرة الربيع، والبنفسجيات.

وفي أمريكا الشمالية تنتشر الغابات النفضية بالمناطق المعتدلة من البحيرات العظمى في اتجاه الجنوب حتى السهول الساحلية الرملية لفلوريدا وتكساس، حيث توجد غابات مختلطة من الصنوبر، والبلوط. وتقع أقدم الغابات وأغناها على جبال الأبلاش الوسطى. والأشجار السائدة هنا هي: المران والليمون الحمضي الأمريكي والزان والبافية ومجنولية الخيار والجوزية والقيقب السكري والزنبق الأمريكي، وأنواع عديدة من البلوط. وكثير من الأشجار مغطاة بالعشقة السامة والعنب البري.

وفي آسيا توجد غابات المناطق المعتدلة النفضية في أقصى شرقي روسيا، وفي شرقي الصين واليابان وكوريا. وهذه الغابات عريضة الأوراق، غنية جدًا بالأحياء النباتية والحيوانية. وتشمل الأشجار التي تُكون طبقة الظلة أشجار النيرية والصنوبر الكوري والليمون الحمضي والتنوب المنشوري والقيقب والبلوط والجوز. وتتكون الطبقة السفلى من شجيرات جذابة تشمل جنبة الدوتزية والليلك والويبرنوم. كما تتميز هذه الغابات بوجود ليانات العنب البري والليانات الخشبية.

تحظى الغابات النفضية بثروة من الأحياء الحيوانية. وتشمل الثدييات الأَيل والجرذ السنجابي والفرير الأوروبي الآسيوي والثعلب والقنفذ والراقون والزبابة والسنجاب وفأر الزرع وابن عرس. وتقضي كثير من الثدييات الأصغر حجمًا فترة الشتاء في حالة سبات. أما الطيور فتشمل كاسر الجوز والبومة والقرقف والمغنيِّ ونقّار الخشب. وتحتوي الغابات الآسيوية المكونة من نفضية ومستديمة الخضرة، على عدد كبير من الثدييات الدخيلة على المنطقة، مثل قط الغابة والفهد والببر، وطيور مثل صياد الذباب الآسيوي طويل الذيل، والشقراق عريض المنقار.

غابات المناطق المعتدلة الدائمة الخضرة توجد في غربي أمريكا الشمالية وغربي تشيلي وجنوب غربي أستراليا وتسمانيا ونيوزيلندا خاصة الجزيرة الجنوبية. وتقع كل هذه الغابات على سفوح شديدة الانحدار، حيث ترتفع الرياح الغربية الرطبة، وتتسبب في أمطار غزيرة أو ضباب.

وتوجد هذه الغابات في أمريكا الشمالية في الجزء الشمالي الغربي على ساحل المحيط الهادئ من ألاسكا إلى شمالي كاليفورنيا. وتسود غابات ساحل المحيط الهادئ أشجار ضخمة من ذوات الأوراق الإبرية. وتنمو غابات السكويا وهي من أكثر أشجار العالم ارتفاعًا على طول الشريط الساحلي الضيق الممتد من جنوبي أوريجون، متجهًا إلى وسط كاليفورنيا. وكثير من هذه الأشجار العملاقة تنمو إلى ارتفاع أكثر من 90م. وتنمو من داخل غابات السكويا، وفي اتجاه الشمال غابات ضخمة من تنوب دوجلاس، وراتينجية سيتكا، والشوكران الغربي والأرز الأحمر الغربي. ويؤدي تساقط الأمطار الغزيرة سنويًا إلى تكوين غابات كثيفة معتدلة مطرية، على طول الساحل الجنوبي لكولومبيا البريطانية والمناطق الجنوبية من واشنطن. وهذه الغابات تسود فيها أشجار تنوب دوجلاس، وراتينجية سيتكا والأرز الأحمر الباسفيكي، والتي تغطي جذوعها الطحالب مكونة سدودًا من الأحراج الخضراء، التي لامثيل لها في أمريكا الشمالية.

وتوجد في تشيلي الغابات المعتدلة الدائمة الخضرة بين جبال الأنديز والبحر. وغالبية الأشجار في هذه الغابات من الزان الجنوبي بنوعيه المتساقط الأوراق والدائم الخضرة والصنوبريات مثل البودوقربوس. كما تتكون الطبقة السفلى من شجيرات مستديمة الخضرة، وأرضية الغابة غنية بالحزازيات والسراخس والكَبِديّات.

أما الغابات الساحلية بجنوب شرقي أستراليا وتسمانيا فتسودها أشجار الأوكاليبتوس العالية مثل المُرَّان الجبلي. وتشمل أنواع أشجار الأوكاليبتوس الأخرى الصمغ الأزرق والقرم السوداء. وتكثر السراخس الشجرية بين نباتات الطبقة السفلى. وتعتبر الطيور الربابية من أشهر الحيوانات في غابات أستراليا الساحلية الرطبة.

تشبه غابات الجزيرة الجنوبية من نيوزيلندا غابات تشيلي حيث توجد أشجار الزان الجنوبي والبودوقربوس، بالإضافة إلى بعض الصنوبريات المحلية مثل الريمو والتانكاها. وتُعَدّ غابات نيوزيلندا موطنًا لنوع من أنواع الطيور التي لاتطير تسمى الكيوي.

غابة منطقة البحر الأبيض المتوسط

غابات البحر الأبيض المتوسط:

تتميز منطقة البحر الأبيض المتوسط بشتاء دافئ ورطب، وصيف حار وجاف. وتتألف الغابة كاملة النمو فيها من أشجار عريضة الأوراق مستديمة الخضرة، مثل أنواع البلوط دائمة الخضرة. وتختلف هذه الأشجار عن أنواع السنديان متساقطة الأوراق ؛ لأن أوراقها أصغر حجمًا ولامعة وجلدية الملمس. وأنواع البلوط دائمة الخضرة، لاتتخلص من جميع أوراقها في فصل الخريف، وإنما تتخلص من الأوراق القديمة وتستبدل أخرى بها بصورة مستمرة خلال العام، مثلها في ذلك مثل معظم الأشجار ذات الأوراق الإبرية. وتعتبر شجرة الفراولة أيضًا ضمن أشجار غابات البحر الأبيض المتوسط.

ونظرًا لأن منطقة البحر الأبيض المتوسط كانت ولاتزال كثيفة السكان منذ زمن طويل، فقد أزيلت كل الغابات الأصلية تقريبًا. وقد حالت عوامل تعرية التربة ورعي الأغنام والماعز دون إعادة إنمائها. وتحولت معظم الغابات إلى جنبات كثيفة تعرف محليًا بالشبرال والفينبوز أو الماكويز.

وتشمل المناطق الأخرى، التي يغطيها مثل هذا النوع من الغابات جنوبي كاليفورنيا وأواسط تشيلي وجنوب إفريقيا وجنوب غربي أستراليا. وفي أستراليا تتكون الأشجار في الغالب من أنواع الأوكاليبتوس مثل الكري والجارا. ★ تَصَفح: غابات الأوكاليبت.

والغابات الغارية بجزر الكناري فريدة في نوعها، ولكن لم يبق منها إلا القليل. وهي غابات عريضة الأوراق مستديمة الخضرة، مثل غابات البحر الأبيض المتوسط، ولكن الأنواع الرئيسية من الأشجار، تنتمي إلى فصيلة الغار وليست من أنواع البلوط دائمة الخضرة.

وغابات البحر الأبيض المتوسط غنية بالحشرات خاصة الفراشات. كما أنها موطن لأنواع عديدة من الثعابين والسحالي.

غابة استوائية مطيرة

الغابات الاستوائية المطيرة:

تنمو بالقرب من خط الاستواء حيث المناخ الدافئ الرطب طوال العام. وتنمو أكبر هذه الغابات في حوض نهر الأمازون بأمريكا الجنوبية، وحوض نهر الكونغو في إفريقيا ومعظم أجزاء جنوب شرقي آسيا.

ومن بين جميع أنواع الغابات، تتميز الغابات الاستوائية بأنها أكثر تنوعًا من حيث مكوناتها الشجرية. وقد يصل عدد أنواع الأشجار التي تنمو في الهكتار الواحد من الغابة إلى 150 نوعًا. ومازالت تكتشف أنواع جديدة من النباتات والحيوانات داخل هذه النظم البيئية، التي تعتبر أغنى البيئات في العالم. ولكن للأسف تتعرض هذه الغابات للقطع بمعدلات كبيرة.

وكل أشجار الغابات الاستوائية تقريبًا عريضة الأوراق ومستديمة الخضرة، بالإضافة إلى وجود بعض أنواع النخيل والسراخس الشجرية. وفي معظم هذه الغابات تتوزع الأشجار بين ثلاث ظُلل، ويصل ارتفاع الظلة العليا إلى حوالي 40م. وهناك أشجار قليلة ذات ارتفاع غير عادي، تسمى البوارز أو الشواهق ترتفع فوق مستوى الظلة العليا. وهناك ظلة ثانية على ارتفاع 20م وظلة سفلى على ارتفاع 10م.

تتميز طبقة الشجيرات والطبقة العشبية بكثافة متدنية ؛ نظرًا لقلة الضوء الذي يتسرب خلال الظلل الكثيفة، غير أن هناك نباتات متسلقة ونباتات هوائية، تزيد من تزاحم الفروع في الظلال التي تستقبل أكبر قدر من الضوء. وتخزن بعض أنواع النباتات الهوائية، التي تعرف بالبرومليادات، الماء بين أوراقها الوردية. وتحتوي هذه النباتات على مجتمعات من الحيوانات الصغيرة مثل الضفادع والعناكب والسمندر. وتعيش معظم حيوانات الغابة الاستوائية أيضًا في ظلل، حيث تتوافر كميات كافية من الغذاء. وتشمل هذه الحيوانات الخفافيش والطيور والسحالي والقردة والأُبوسوم والكسلان والثعابين.

غابة مدارية موسمية

الغابات المدارية الموسمية:

وهي تنمو في بعض المناطق المدارية وتحت المدارية. وهذه المناطق تتميز بفصل ممطر ورطب، وفصل جاف في كل عام، ودرجات حرارة أقل نوعًا ما من مناطق الغابات الاستوائية. وتسود هذه الظروف في أمريكا الوسطى وأواسط أمريكا الجنوبية والجزء الجنوبي من إفريقيا والهند وشرقي الصين وشمالي أستراليا وجزر عديدة في المحيط الهادئ.

وتحتوي الغابات المدارية الموسمية على أنواع عديدة من الأشجار، ولكنها لاتصل إلى الأعداد الموجودة في الغابات الاستوائية. كما يقل عدد النباتات المتسلقة والنباتات الهوائية فيها عن الغابات الاستوائية. وعلى النقيض من أشجار الغابات الاستوائية فإن كثيرًا من أنواع أشجار الغابات المدارية متساقطة الأوراق. وتوجد هذه الأنواع من الأشجار بصفة خاصة في المناطق التي تتميز بوجود فصل رطب وفصل جاف. وتتخلص الأشجار من أوراقها في فصل الجفاف.

ويصل ارتفاع الظلة في الغابات المدارية إلى 30م. وتنمو طبقة سفلى واحدة تحت الظلة. وتتألف طبقة الشجيرات الكثيفة من الخيزران والنخيل، بالإضافة إلى طبقة عشبية سميكة تغطي سطح الأرض. وتشبه الأحياء الحيوانية في هذه الغابات أحياء الغابات الاستوائية.


السافانا

مناطق السافانا:

مساحات شاسعة تغطيها أشجار متباعدة. وفي بعض مناطق السافانا تنمو الأشجار في مجموعات، بينما تنمو منفردة على امتداد مساحات كبيرة في مناطق أخرى، مكونة بذلك ظلة متقطعة ومفتوحة. وفي كلتا الحالتين يكون الجزء الأكبر من الأرض مغطى بالشجيرات والأعشاب خاصة الحشائش. لذلك فإن بعض المتخصصين في الأحياء يصنفون السافانا مروجًا طبيعية. وتوجد مناطق السافانا في الأقاليم ذات الأمطار القليلة والتربة الفقيرة، وتكثر فيها الحرائق والعوامل الأخرى التي تحد من نمو الأشجار.

تنتشر غابات السافانا في حزام الرياح الموسمية بإفريقيا من تشاد إلى السنغال وفي جنوبي إفريقيا وشرقيها. وتشمل الأشجار أنواع الأكاسيا والبراكستيجيا.

ويُعَدّ السراداو والكاتنجا نوعين من أنواع الغابات الشبيهة بالسافانا وهي موجودة بأمريكا الجنوبية. والأشجار التي يتكون منها هذا النوع من الغابات تتميز بقلف سميك مقاوم للحرائق. وهناك أيضًا غابات شبيهة بغابات السافانا في مناطق الرياح الموسمية في الهند. وفي أستراليا تحتوي غابات المنطقة الشمالية على أنواع من أشجار الأوكاليبتوس مثل الأسترنجيبارك والووليبط. وأكثر الأشجار انتشارًا في الشرق أشجار البرجالو.

وتشتهر مناطق السافانا الإفريقية بأعداد كبيرة من الثدييات. وتشمل ثدييات مناطق السافانا المدارية الفيلة والغزلان والزرافات والأسود.

غابة جبليةغابة خيزران مرتفعة

الغابات الجبلية:

يكون المناخ عادة على سلاسل الجبال أكثر برودة وأكثر رطوبة وتعرضًا للرياح كلما زاد الارتفاع عن سطح البحر.وكذلك يتغير الغطاء النباتي بما فيه الغابات. وتسمى الغابات التي تحتل المنحدرات السفلى والوسطى الغابات الجبلية. أما الغابات التي تغطي المنحدرات العليا فتعرف بـالغابات تحت الألبية. وفي المناطق المعتدلة تختفي الغابات المتساقطة الأوراق لإفساح المجال للغابات دائمة الخضرة من ذوات الأوراق الإبرية. وفي أوروبا تسود الأشجار الراتينجية غابات الجبال العالية التي تشبه بعض الغابات الشمالية. وفي آسيا أيضًا تتكون الغابات الجبلية من أنواع من الراتينجية بالإضافة إلى أشجار أخرى، مثل الصنوبريات الحجرية السيبرية واليابانية. أما في أمريكا الشمالية فأنواع الأشجار الرئيسية في الغابات الجبلية من أنواع التنوب والصنوبر. فعلى جبال الروكي نجد أن صنوبر بواندروزا، وتنوب دوجلاس هما أكثر الأنواع الشائعة بالإضافة إلى راتينجية إنجلمان، والتنوب تحت الألبي على الارتفاعات العليا. ومن الأشجار الأخرى المنتشرة في الغابات الجبلية بأمريكا الشمالية أيضًا التنوب الأبيض وصنوبر لودجبول.

وتشمل ثدييات الغابات الجبلية: الدب والأيل والثعلب. ويعيش الأسد الأمريكي في الغابات الجبلية بأمريكا الشمالية وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية. كما يعيش فهد الجليد في الغابات الجبلية بآسيا. وفي الصين يعيش حيوان الباندا العملاق في غابات المرتفعات العالية.

حياة الغابة

تزخر الغابات بتنوع الأحياء النباتية والحيوانية. فقد سجل العلماء على سبيل المثال، حوالي10,500 نوعٍ من الأحياء من غابة متساقطة الأوراق في سويسرا. وتصل أعداد النباتات والحيوانات داخل الغابة إلى معدلات ضخمة.

والحياة داخل الغابة بمجملها، جزء من نظام بيئي معقد، وهو يشمل أيضًا البيئة الطبيعية. يقوم علماء البيئة بدراسة حياة الغابة برصد الطرق التي تتفاعل بها الأحياء المختلفة مع بعضها بعضًا ومع بيئتها. وتتطلب هذه التفاعلات 1- انسياب الطاقة داخل النظام البيئي. 2- دورة المواد الكيميائية الضرورية داخل النظام البيئي. 3- التنافس والتعاون بين الأحياء.

انسياب الطاقة:

كل الأحياء تحتاج إلى طاقة لتعيش. وفي الغابة كما في النظم البيئية الأخرى، تعتمد الحياة على الطاقة الشمسية، ولكن النباتات الخضراء فقط هي التي يمكنها استعمال الطاقة الشمسية بطريقة مباشرة. وتستعمل هذه النباتات ضوء الشمس لتصنيع الغذاء عن طريق عملية تسمى التركيب الضوئي.

كل الأحياء الأخرى تعتمد على النباتات الخضراء للحصول على الطاقة الشمسية. وبذلك فإن النباتات الخضراء هي عناصر الإنتاج الأساسية في الغابة. والحيوانات التي تأكل هذه النباتات تعرف بعناصر الاستهلاك الأساسية، أو آكلات العشب أما الحيوانات التي تأكل آكلات العشب فتسمى عناصر الاستهلاك الثانوية أو المفترسة. وعناصر الاستهلاك الثانوية نفسها قد تقع فريسة لحيوانات مفترسة أخرى، تسمى عناصر الاستهلاك الثالثية. وهذه السلسلة المكونة من عناصر الإنتاج الرئيسية والمستويات المختلفة من عناصر الاستهلاك تعرف بالسلسلة الغذائية.

في سلسلة غذائية نموذجية لغابة تؤكل أوراق الأشجار وهي (عناصر إنتاج أساسية) بوساطة اليساريع وهي (عناصر استهلاك أساسية للاستهلاك). وتؤكل هذه اليرقات بدورها بوساطة الزَّبابات (عناصر الاستهلاك الثانوية)، التي تؤكل بدورها بوساطة البومة (عناصر الاستهلاك الثالثية). وتمر الطاقة في شكل غذاء من أحد مستويات السلسلة الغذائية إلى آخر. ولكن تفقد كميات كبيرة من الطاقة في كل مستوى. لذلك يدعم النظام البيئي لأي غابة أعدادًا من النباتات الخضراء، أكثر بكثير من آكلات العشب، وأعدادًا من آكلات العشب أكثر من المفترسة.

دورة المواد الكيميائية:

تتكون الكائنات الحية من بعض العناصر الكيميائية الأساسية. وبما أن كمية هذه المواد الكيميائية محدودة فلابد من إعادة دورتها لكي تستمر الحياة.

تؤدي الأحياء المحللة لأرضية الغابة دورًا حيويًا فى إعادة دورة هذه الكيميائيات. وتشمل الأحياء المحللة البكتيريا والديدان الأرضية والفطريات، وبعض الحشرات وبعض الأحياء أحادية الخلايا.

وتحصل الأحياء المحللة على غذائها بتحلل أجزاء النباتات الميتة ومخلفات الإنتاج وأجسام الحيوانات الميتة إلى عناصرها الأساسية. وتتحلل هذه العناصر في التربة، حيث تمتصها جذور النباتات النامية. وبدون عملية التحلل هذه تستنفد كميات العناصر الضرورية المتوافرة مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم في وقت وجيز.

وإعادة دورة بعض المواد الكيميائية، لاتتطلب الأحياء المحللة. فالنباتات الخضراء مثلاً تفرز الأكسجين أثناء عملية التركيب الضوئي، والحيوانات والنباتات تحتاج للأكسجين لأكسدة المواد الغذائية أو حرقها، وتنتج عن ذلك طاقة. وفي عملية الأكسدة تفرز الحيوانات والنباتات ثاني أكسيد الكربون الذي تحتاج إليه النباتات الخضراء لعملية التركيب الضوئي. وبذلك فإن دورة الأكسجين وثاني أكسيد الكربون تتم في وقت واحد وتتم بذلك المحافظة على كمية ثابتة من هاتين المادتين.

التنافس والتعاون:

تتنافس جميع حيوانات الغابة ونباتاتها مع أفراد من نوعها، أو الأنواع المشابهة على بعض الاحتياجات الضرورية مثل العناصر الغذائية، والحيز والماء. وعلى سبيل المثال، تتنافس أفراد السنجاب الأحمر بعضها مع بعض، ومع آكلات العشب الأخرى في الغابات الشمالية على بذور المخروطيات لأنها غذاؤها الرئيسي. وبالمثل تتنافس أشجار الصنوبر بعضها مع بعض، ومع النباتات الأخرى من أجل الماء وضوء الشمس. وتؤدي هذه المنافسة إلى بقاء أكثر أحياء الغابة ملاءمة لبيئة الغابة وتكاثرها.

يكثر أيضًا التعاون بين أحياء الغابة. ويُعَدّ ضروريًا لبقاء كثير من الأنواع وحياتها. فالطيور والثدييات التي تعيش على الثمار مثلاً، تعتمد على النباتات في غذائها. لكن النباتات بدورها قد تعتمد على هذه الحيوانات، للمساعدة في نشر بذورها. وبالمثل تنمو بعض الفطريات الدقيقة على جذور بعض الأشجار النامية. وتحصل هذه الفطريات على غذائها من الشجرة ،لكنها أيضًا تساعد الشجرة في امتصاص ماتحتاجه من الماء والعناصر الغذائية.لمزيد من التفاصيل حول النظام البيئي للغابة، ★ تَصَفح: البيئة.

تعاقب الغابات

أيقونة تكبير طريقة تطور الغابة بالتعاقب البيئي
قد تحدث في الغابات وغيرها من المساحات الطبيعية سلسلة من التغيرات المنتظمة على النباتات والحيوانات التي تعيش فيها. وتسمى سلسلة التغيرات هذه التتابع البيئي. والمناطق التي تجتاز عملية التعاقب تمر بمرحلة أو أكثر من المراحل الوسطية حتى تصل إلى المرحلة النهائية، مرحلة الذروة. وتوجد غابات في المراحل المتوسطة ومراحل الذروة من سلسلة التعاقب البيئي في مناطق عديدة.

لتوضيح كيفية تطور الغابة، وحدوث التعاقب، نتصور مساحة من الأراضى الزراعية المهجورة في جنوب شرقي الولايات المتحدة الأمريكية، تحمل هذه الأراضي المهجورة في البداية مجتمعات من الأعشاب القصيرة وحشرات وفئران. وتتحول الأرض تدريجيًا إلى مرج مع ظهور الحشائش والنباتات العشبية العالية والشجيرات، وفي الوقت نفسه تغزو المنطقة الأرانب والثعابين والطيور التي تعيش على الأرض.

وخلال سنوات قليلة تبرز أشجار الصنوبر الصغيرة عبر المرج. ومع اكتمال نضج الأشجار يتحول المرج إلى غابة متوسطة من الصنوبريات. ثم تموت النباتات العشبية وشجيرات المرج، وتُستبدل بها النباتات التي تنمو جيدًا تحت ظلال ظلة الصنوبر. وباختفاء نباتات المرج تختفي أيضًا السلاسل الغذائية المبنية عليها. وتدخل المنطقة حيوانات جديدة من آكلات العشب، والمفترسة مكونة على إثرها سلاسل غذائية مبنية على الأحياء النباتية لغابة الصنوبر.

وتمر الأعوام، وتكبر أشجار الصنوبر في عمرها وحجمها. لكن عددًا قليلاً جدًا من البادرات، ينمو تحتها نظرًا لحاجة بادرات الصنوبر لضوء الشمس المباشر. ولذلك تحتل مكانها في الطبقة السفلى بعض أنواع الأشجار ذات الأوراق العريضة، وخاصة أنواع البلوط. وعندما تموت أشجار الصنوبر المسنة تملأ أشجار البلوط الفراغات التي تحدث في الظلة نتيجة لموت أشجار الصنوبر. وتتكون تدريجيًا غابة مختلطة من أشجار متساقطة الأوراق ودائمة الخضرة.

لكن التعاقب لم يكتمل بعد. فبادرات البلوط تنمو جيدًا في ظل الظلة، بينما يتوقف نمو بادرات الصنوبريات. ولذلك فربما تكونت غابة ذروة من البلوط في النهاية مكان الغابة المختلطة. ونظرًا لأن خشب الصنوبر أكثر قيمة من خشب البلوط فإن علماء الغابات يستعملون في بعض الأحيان الحرائق الموجهة للحد من نمو البلوط.

تحدث سلاسل تعاقبية متنوعة في المناطق المختلفة. ففي الأجزاء الجنوبية من الغابات الشمالية، مثلا، تسود أشجار الصنوبر والتنوب والراتينجية في غابات الذروة. وإذا تم القضاء على أي من هذه الغابات المخروطية بسبب الحرائق أو الأمراض أو العواصف ؛ فقد تنشأ في مكانها غابة متوسطة من الحور الرجراج والبتولا. وتنمو هذه الأشجار ذات الأوراق المتساقطة تحت ضوء الشمس المباشر على الأراضي العارية، بصورة أفضل من أشجار التنوب والراتينجية.

وتوفر غابة الحور والبتولا الحماية اللازمة للنموات الجديدة من مخروطيات المنطقة الشمالية. وفي وقت وجيز تسود بادرات الراتينجية والتنوب والصنوبر الطبقة السفلى من الغابة. وبمرور الزمن تنمو هذه الأشجار المخروطية إلى ارتفاعات تفوق ارتفاع أشجار الحور الرجراج والبتولا. ولا تتكاثر الأنواع متساقطة الأوراق في ظل الظلة الجديدة، وتتكون تدريجيًا مرة أخرى غابة الذروة ذات الأشجار المخروطية.

إزالة الغابات

كان لأنشطة الإنسان تأثير كبير في الغابات الحديثة. فمنذ بداية الزراعة قبل 11,000 سنة، أزيلت مساحات شاسعة من الغابات لإفساح المجال للمزارع والمدن. وخلال القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، أزيلت مساحات كبيرة، نتيجة لعمليات قطع الأخشاب والتلوث الصناعي.

ويشهد عصرنا هذا إزالة الأشجار بمعدلات خطيرة في المناطق الحارة، وذلك لاستخدام الأرض للزراعة والصناعة في المقام الأول. وحتى نهاية الأربعينيات من القرن العشرين، كانت الغابات الاستوائية تغطي حوالي 16 مليون كم² من مساحة الأرض في العالم. وبحلول نهاية التسعينيات من القرن العشرين، كانت تغطي 8 ملايين كم² فقط. ويدمِّر حوالي 170,000كم² من الغابات الاستوائية كل عام، ومعظمها في أمريكا اللاتينية وجنوب شرقي آسيا.

وفي مناطق أخرى من العالم يكون السبب الرئيسي لزوال الغابات هو التلوث الصناعي ؛ إذ تطلق المصانع غازات سامة في الهواء، وتفرز مخلفات خطيرة إلى البحيرات والأنهار. وقد تتحد ملوثات الهواء مع الأمطار والجليد وأنواع الترسبات الأخرى وتسقط على الأرض أمطارًا حمضية. ★ تَصَفح: المطر الحمضي. وقد تحد هذه الملوثات من نمو النبات في منطقة ما، وتتسبب في موت معظم النباتات فيها. فقد أُصيبت مناطق الغابات في بعض أجزاء أوروبا بضرر بالغ، بسبب التلوث الصناعي. ويهدد التلوث أيضًا الغابات الواقعة في شرقي أمريكا الشمالية.

تقل كمية الأكسجين التي تطلق في الهواء عبر عملية التركيب الضوئي مع تقلص مساحات الغابات. وعملية تجديد الأكسجين في الهواء أمر حيوي لاستمرار الأحياء التي تتنفس الأكسجين وبقائها. كما أن تناقص كميات ثاني أكسيد الكربون المستعملة في عملية التركيب الضوئي، يؤدي إلى زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون في الهواء. ونتيجة لذلك تحجز كميات أكبر من الحرارة قرب سطح الأرض بدلاً من انعكاسها إلى الفضاء. ويعتقد كثير من العلماء أن تأثير البيوت المحمية هذا يتسبب في ارتفاع مستمر في درجات الحرارة الشيء الذي قد يهدد الأحوال المناخية. ★ تَصَفح:البيوت المحمية. وتدمير الغابات يعني أيضًا تدمير البيئات المناسبة لكثير من الأحياء.

نبذة تاريخية

أيقونة تكبير الغابات البدائية

الغابات الأولى:

نشأت الغابات الأولى في المستنقعات منذ حوالي 365 مليون سنة، أي في نهاية العصر الديفوني. وكانت تحتوي على نباتات لازهرية في حجم الأشجار مثل الحزازيات والسراخس. وقد وصل ارتفاع جذوع بعضها إلى حوالي 12م وسمكها إلى حوالي متر واحد. وقد كانت هذه الغابات موطن الأحياء البرمائية الأولى والحشرات.

وبحلول بداية العصر الكربوني ـ قبل حوالي 360 مليون سنة، ظهرت مستنقعات شاسعة وازدهرت في هذه المستنقعات الدافئة غابات من نباتات الحزازيات، وذنب الحصان العملاقة التي وصل ارتفاعها إلى 40م. واحتلت السراخس بارتفاع ثلاثة أمتار تقريبًا الطبقة السفلى التي تأوي الصراصير الكبيرة واليعاسيب والعقارب والعناكب. وبمرور الزمن ظهرت سراخس بذرية وصخريات بدائية في غابات المستنقعات كانت تسقط في الماء والوحل اللذين كانا يغطيان أرضية الغابة. والماء والوحل كانا لايحتويان على أكسجين كاف لحياة الأحياء المحللة. ولذلك لم تتحلل هذه النباتات، ولكنها دفنت تحت طبقات الوحل المتراكمة. وعبر ملايين السنين ونتيجة للضغط الذي تعرضت له هذه النباتات تحولت إلى رواسب هائلة من الفحم الحجري.

الغابات اللاحقة:

مع بداية العصر الوسيط، منذ حوالي 240 مليون سنة مضت، تسببت التغيرات القاسية في المناخ وسطح الأرض في دمار غابات المستنقعات. وفي هذه البيئة الجديدة الجافة آلت السيادة إلى الأشجار التابعة لعاريات البذور، وهي نباتات ذات بذور مكشوفة وغير مغلفة في ثمرة أو غلاف البذرة. وقد شملت هذه الأشجار السراخس البذرية والمخروطيات البدائية. وشكلت أشجار عاريات البذور هذه الغابات، التي كانت تغطي مساحات شاسعة على سطح الأرض. وعاشت في هذه الغابات الحيوانات البرمائية والحشرات والزواحف كبيرة الحجم.

ظهرت أول النباتات الزهرية منذ حوالي 130 مليون سنة أثناء الحقبة الأولى من العصر الطباشيري. والنباتات الزهرية أو كاسيات البذور هي التي تنتج بذورًا مغلفة داخل ثمرة أو غلاف البذرة. وقد برز العديد من الأشجار التي تنتمي لكاسيات البذور في الغابات. وتشمل هذه الأشجار المنغوليات وأنواع القيقب والحور والصفصاف. وصارت الشجيرات والأعشاب المزهرة من النباتات الشائعة في الطبقة السفلى للغابة.

ومع بداية العصر الحديث، منذ حوالي 63 مليون سنة، صار مناخ العالم أكثر برودة. وانتشرت غابات المناطق المعتدلة الضخمة في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية. وشملت الغابات كميات وافرة من الأشجار الزهرية، عريضة الأوراق والمخروطيات ذات الأوراق الإبرية.

الغابات الحديثة:

استمر مناخ العالم في انخفاض درجات حرارته، ومنذ 2,4 مليون سنة، ظهرت أول موجة جليدية من عدة موجات هائلة، وبدأت تتقدم في معظم أجزاء أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية. وبحلول الوقت الذي تراجعت فيه آخر الموجات الجليدية ـ منذ 10,000 سنة مضت تقريبًا ـ كانت الصفائح الثلجية قد دمرت مساحات شاسعة من غابات المناطق المعتدلة في أوروبا وأمريكا الشمالية. ولم يبق إلا الغابات المعتدلة في جنوب شرقي آسيا، والتي لم تصلها يد الإنسان إلا قليلاً.

أخذت غابات العالم شكلها وتوزيعها الحديث بعد تراجع الأنهار الجليدية. فقد نشأت الغابات الشمالية الكبرى، على سبيل المثال في شمالي أوروبا وأمريكا الشمالية. ولكن مناطق الغابات في العالم لاتدوم. فنجد في عصرنا هذا، مثلاً، أن غابات المناطق المعتدلة، صارت تغزو الأطراف الجنوبية من الإقليم الشمالي للكرة الأرضية. وأي حقبة جليدية أخرى أو تغيير مفاجئ في المناخ قد تكون له عواقب وخيمة على غابات العالم. ★ تَصَفح: الشَّجرة والمقالات ذات الصلة بها.

★ تَصَفح أيضًا: الجزء الخاص بالاقتصاد في المقالات الخاصة بالدول المختلفة.

إختبر معلوماتك :

  1. كيف تساعد الغابات في صيانة البيئة وإثرائها؟
  2. ما الفرق بين غابة متوسطة وغابة ذروة؟
  3. أي طبقات الغابة توفر أكبر قدر من الغذاء؟ ولماذا؟
  4. أين تنمو الغابات التي تحتوي على أضخم الأشجار في العالم؟ وما أسماء تلك الأشجار؟
  5. متى تكونت أولى الغابات؟
  6. ما أوجه الخلاف بين الغابات المتساقطة الأوراق ودائمة الخضرة؟
  7. كيف تعمل السلسلة الغذائية للغابات؟
  8. ماخط الأشجار؟
  9. أي أنواع الغابات تحتوي على أكبر تشكيلة متباينة من الأشجار؟

المصدر: الموسوعة العربية العالمية