الرئيسيةبحث

القرد ( Monkey )



أيقونة تكبير بعض أنواع القرود
القرد واحد من العديد من الثدييَّات الصغيرة كثيرة الحيوية والنشاط، والذكاء. يُصَنِّف العلماء القرد، والقرود العظمى والليمورات واللوريس في رتبة الرئيسيات، وهي أرقى رتب الثدييات. ولقد مكنها ذكاؤها من التكيف مع العديد من البيئات، واستخدمها العلماء في الأبحاث الخاصة بالسلوك وبالأمراض التي تُصيب الإنسان. وقد اكتشف العامل الريصي، وهو أحد العوامل ذات الصلة بفصائل الدم في الإنسان أثناء التجارب في قرد الريص الهنديّ، وبالتالي أطُلق على ذلك العامل اسم ذلك القرد. ★ تَصَفح: العامل الريصي.

يوجد حوالي 200 نوع معروف من القرود، يعيش معظمها في المناطق المدارية في أمريكا الوسطى، وأمريكا الجنوبية، وإفريقيا، وآسيا. تعيش غالبية أنواع القرود في الغابات، وبعضها يُمضي كل حياته فوق الأشجار. كما تعيش بعض الأنواع الإفريقية والآسيوية في مناطق السافانا. وبالتالي فهي تُمضي معظم حياتها على الأرض، ولكن، تنام كل القرود، بما في ذلك القرود الأرضية، فوق الأشجار أو على الجروف الصخرية الشديدة الانحدار، وذلك للحماية من الأعداء أثناء الليل. تعيش القرود بعضها مع بعض في قطعان.

تتفاوت القرود كثيرًا في الحجم، وأصغرها قرد المرموص القزم، الذي يبلغ طوله بدون الذيل 15سم فقط، ومن أكبر القرود حجمًا قرد الميمون الذي يبلغ طوله بدون الذيل حوالي 80سم.

التمييز بين قرود العالم القديم والعالم الجديد ممكن عن طريق أنوفها ؛ ففتحتا الأنف في قرود العالم القديم متقاربتان، كما في قرد المنجابي (الصورة اليسرى)، ولكنهما متباعدتان في قرود العالم الجديد كما في القرد كثيف الصوف (الصورة اليمنى).
يصنف العلماء القرود في مجموعتين: قرود العالم الجديد وقرود العالم القديم. تعيش قرود العالم الجديد في أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية، وقرود العالم القديم في إفريقيا وآسيا. وهنالك اختلافات عديدة بين المجموعتين: فمثلاً تتباعد فتحتا الأنف كثيرًا في قرود العالم الجديد، بينما الفتحتان متقاربتان كثيرًا في قرود العالم القديم. ولدى غالبية قرود العالم الجديد 36 سنًا، بينما توجد لدى قرود العالم القديم 32 سنًا وهو نفس عدد الأسنان عند الإنسان. وتستطيع بعض أنواع قرود العالم الجديد مسك الأشياء بأذيالها ولكن قرود العالم القديم لا تستطيع ذلك.

تتباين قرود العالم الجديد تباينًا كبيرًا من حيث الحجم والشكل واللّون. وهي تنقسم إلى مجموعتين: 1- قرد المرموص والطمارين 2- بقية قرود العالم الجديد بما فيها القرود المقلنسة، والصارمة، والنباحة والعنكبوتية، والسنجابية، وكثيفة الصوف، والعنكبوتية الكثيفة الصوف. وتعيش كل قرود العالم الجديد فوق الأشجار.

تشمل قرود العالم القديم، قرود الرباح أو السعدان، والقرود الكولبس، والقرود الغينون، وقرود اللنغور، وقرود المكاك. وتتغذى بعض أنواع قرود العالم القديم مثل قرود الكولبس وقرود اللنغور بأوراق الأشجار، وتعيش أساسًا فوق الأشجار، بينما تعيش غالبية أنواع قرود العالم القديم الأخرى على الأرض، ويكبر ذكر القرود التي تعيش على الأرض الأنثى بضعفي الحجم.

ويعتبر كثير من الناس البعام (الشمبانزي)، والجيبون، والغوريلا، وإنسان الغاب قرودًا، ولكن هنالك اختلافات كثيرة بينها وبين القرود، حيث إنها أكثر ذكاء من القرود، وليس لدى أي منها ذيل، كما أنها أكبر حجمًا من القرود، وهي أيضًا متسلقة ماهرة، حيث تجري أو تقفز بين أغصان الأشجار.

لقد قللت نشاطات البشر المختلفة أعداد القرود في العالم كثيرًا، حيث يصطادها بعض الناس للغذاء، ويصيدها بعضهم لاستعمالها حيوانات مدللة. كما قلل استصلاح الأراضي لأغراض الزراعة والسكن والصناعة من المساحات التي تقطنها القرود. ولهذا فإن العديد من أنواع قرود العالم الجديد والقديم مهددة بالانقراض.

جسم القرد

الهيكل العظمي للقرد الإفريقي
جسم القرد مناسب تمامًا للعيش على الأشجار ـ بما في ذلك القرود التي تعيش على الأرض ـ حيث إن الذراعين والرجلين طويلان، وهذا يساعد القرد على التسلق والقفز والجري، كما يمكِّنه من استعمال يديه ورجليه لمسك الأشياء بما في ذلك أغصان الأشجار. ولدى معظم أنواع القرود ذيول طويلة تساعدها على الحفاظ على التوازن. وتستخدم بعض أنواع قرود العالم الجديد أذيالها كأياد لمسك الأغصان والطعام أثناء تجوالها بين الأشجار.

الرأس:

تعتمد القرود، بعكس غالبية الثدييات الأخرى، على أعينها وحاسة شمها القوية في جمع المعلومات عن البيئة التي تعيش فيها. فلديها أعين أمامية مما يتيح لها تحديد الأبعاد وتمييز الألوان.

لدى بعض أنواع القرود، بما في ذلك قرود الرباح، والميمون، والساكي، فكوك ضخمة، وتتغذى بالأعشاب وأوراق الأشجار. أما القرود الأصغر حجمًا مثل قرود المرموص والقرود العنكبوتية فذات فكوك أصغر وأرق من فكوك القرود سالفة الذكر، وتتغذى أساسًا بالفاكهة والحشرات. ولدى العديد من قرود العالم القديم تجاويف خدية كالموجودة في حيواني الهمستر والسِّنجاب تمكنها من التخزين المؤقت للغذاء. وهذه التجاويف الخدية غير موجودة في أي من قرود العالم الجديد.

أيدي وأقدام القرود يمكنها مسك الأشياء. فأصبع القدم الكبير في القرد تشبه الإبهام وتتحرك مثله.

الأذرع والأرجل:

تسير القرود وتجري، سواء على الأرض أم بين أغصان الأشجار، على أطرافها الأربعة. والأذرع في غالبية الأنواع أطول بقليل من الأرجل. وكثير من أنواع القرود تستطيع المشي والجري لمسافات قصيرة على أرجلها فقط، ولكنها غالبًا ما تقف على أرجلها فقط عند حملها للغذاء أو حينما تتطلع عبر الأعشاب الطويلة لاستكشاف ما حولها من البيئات، أو عندما تهدد أعداءها أو أفراد مجموعتها.

الأيدي والأقدام:

يمكن لقرود العالم القديم مقابلة إبهامها لأي من الأصابع الأربع الأخرى في اليد، مما يمكنها من مسك قطع الغذاء الصغيرة أو أية أجسام صغيرة أخرى بدقة. أما قرود العالم الجديد فإن إبهامها أقل حركة من إبهام قرود العالم القديم. وقليل من أنواع قرود العالم الجديد يستطيع مواجهة الإبهام لبعض الأصابع الأخرى في اليد. والقرود العنكبوتية والقرود العنكبوتية الكثيفة الصوف، من بين أنواع قرود العالم الجديد، ذات إبهام صغير جدًا أو ليس لديها إبهام على الإطلاق. أما الكولبس، وهي من قرود العالم القديم، فليس لديها إبهام.

الذيل يهيء للقرود التوازن عند الجري والقفز. وفي الصورة أعلاه قرد عنكبوتي يتأرجح من غصن شجرة ممسكا الغصن بذيله.
وأقدام غالبية القرود أكبر وأقوى من أياديها، وكل القرود ذات خمسة أصابع في كل قدم، والأصبع الكبير في كل قدم يشبه إبهام اليد تمامًا مما يمكن تلك القرود من مسك الأشياء بوساطة أقدامها. ولدى قرود المرموص والطمارين مخالب في أصابع أياديها وأقدامها ما عدا أصبع القدم الكبير الذى يوجد به ظفر، بينما لدى بقية القرود أظافر مفلطحة في جميع أصابع الأيدي والأقدام.

الذيل:

للقرود التي تعيش على الأرض ذيول أقصر من ذيول القرود التي تعيش فوق الأشجار ؛ فقد يكون الذيل في قرود الأشجار أطول من جسم القرد نفسه. وتستعمل قرود الأشجار الذيل لحفظ التوازن بين أغصان الأشجار، وتستعمله كذلك كمكابح هوائية تمكنها من الهبوط ببطء وسلام في حالة القفز من غصن لآخر. ويمكن لبعض أنواع قرود العالم الجديد، مثل القرود النباحة والقرود العنكبوتية والقرود كثيفة الصوف، مسك بعض الأشياء بوساطة ذيولها. ولذلك فإن الذيل في هذه الأنواع من القرود عديم الشعر عند نهايته، بينما الذيل في بقية أنواع القرود مغطى تمامًا.

حياة القرد

تعيش القرود العنكبوتية في غابات أمريكا الوسطى والجنوبية حيث تتأرحج وتجري بسرعة خلال أغصان الأشجار.
تجوب قرود الرباح سهول السافانا الإفريقية حيث تبحث عن غذائها على الأرض وتنام في الكهوف أو على الأشجار.
تعيش القرود في الأسر عمرًا أطول من مثيلاتها من الحيوانات الأخرى التي تماثلها في الحجم، كما أنها تعمر أطول من بقية الثدييات الأخرى عدا القرود العظمى وبني البشر. فقد يعمر القرد المقلنس أربعين عامًا بينما تعيش قرود الرباح والمكاك ثلاثين عامًا. وتقصر أعمار القرود في البرية عنها في الأسر بسبب الأمراض والعوامل الأخرى.

الغذاء:

تأكل غالبية القرود أي شيء تجده، حيث يتكون غذاؤها من الطيور وبيض الطيور والأزهار والضفادع والعشب والحشرات وأوراق الأشجار والسحالي والبندق والجزر، بينما تصطاد قرود الرباح صغار الظباء الإفريقية وتأكلها.

تمثل أوراق الأشجار 40% من غذاء قرود اللنغور المخططة و80% من غذاء قرود الكولبس السوداء والبيضاء. ولدى كل القرود آكلة أوراق الأشجار قمم حادة على أسنانها الخلفية تستعملها في تمزيق أوراق الأشجار، وغدد لعابية كبيرة الحجم ومعدة ضخمة مقسمة لغرف عديدة مما يساعدها على هضم غذائها الخشن.

الصغار:

تلد غالبية أنواع القرود صغيرًا واحدًا في كل حمل، ولكن قرود المرموص والطمارين تلد أحيانًا توأمًا أو حتى ثلاثة صغار في الحمل الواحد. وطول فترة الحمل لدى غالبية أنواع القرود غير معروفة تمامًا لدى العلماء، ولكن يترواح طول تلك الفترة في بعض الأنواع بين أربعة شهور ونصف وثمانية أشهر.

تعتمد صغار غالبية أنواع القرود اعتمادًا تامًا على أمهاتها لتوفير الغذاء والحماية، حيث تتراوح فترة الفطام بين أسابيع قليلة وعامين، تبعًا للنوع. يتعلّق الصغير ممسكًا بفرو أمه منذ لحظة ولادته تقريبًا، وتحمله أمه حتى يستطيع السير بمفرده بأمان. يتعلق الصغير في بداية عمره بالأجزاء السُّفلى من جسم أمه ولكنه بعد ذلك يمتطي ظهرها ويتولّى الأب حمل الصغار وإعطاءهم للأم للرضاعة فقط في حالة القرود الصارمة، وقرود المرموص، وقرود الطِّيطي وكلها من أنواع قرود العالم الجديد.

الأماكن التي تعيش فيها القرودتشير المناطق الصفراء بهذه الخريطة إلى أجزاء العالم المختلفة حيث تعيش القرود ومعظمها في المناطق المدارية.

حياة المجموعة:

تعيش كل أنواع القرود في مجموعات اجتماعية، وقلما تتكون المجموعة في حالة قرود العالم الجديد من 20 قردًا، بينما تضم مجموعة قرود العالم القديم الاجتماعية ما بين 30 و 100 قرد. ويوجد ثلاثة أنواع من مجموعات القرود الاجتماعية: 1- مجموعات أسرية 2-مجموعات متعددة الذكور 3- مجموعات وحيدة الذكر.

تتكون المجموعات الأسرية من ذكر واحد مكتمل النمو وأنثاه الوحيدة وصغارهما، وهناك في الأقل ثلاثة أنواع من قرود العالم الجديد تعيش في مجموعات أسرية هي قرود الساكي، والطيطي، والقرود البومية. وهنالك ثلاثة أنواع أيضًا من قرود العالم القديم تعيش في مجموعات أسرية هي قرود غينون دي برازا، وقرود لنغور جزيرة منتاوي، وقرود هاملين ذات الوجه البومي.

قد تتكون المجموعات المتعددة الذكور من عديد من الذكور المكتملة النمو وضعف هذا العدد من الإناث المكتملة النمو مع صغارها في المجموعة الواحدة. ويعيش معظم أنواع قرود العالم الجديد في مجموعات متعددة الذكور بما في ذلك القرود المقلنسة. والقرود النباحة والقرود العنكبوتية والقرود السنجابية وقرود المرموص. وكذلك يعيش كثير من أنواع قرود العالم القديم في مجموعات متعددة الذكور، بما في ذلك قرود اللنغور وقرود المكاك ومعظم أنواع قرود الرباح.

الشمبانزي والغوريلا والقرود تتشابه في كثير من الأشياء وتتمتع ببصر حاد للغاية.
تتكون المجموعات وحيدة الذكر من ذكر واحد مكتمل النمو والعديد من الإناث المكتملة النمو وصغارها في المجموعة الواحدة، كما يوجد في المجموعة أيضًا ذكور وإناث مكتملة النمو. وتعيش في مثل هذه المجموعات أنواع معينة من قرود العالم القديم، بما في ذلك قرود الغينون ونسانيس الجلادة وقرود الرباح.

وعلى العموم فإن القرود التي تعيش فوق الأشجار ذات روابط اجتماعية أضعف من الروابط الاجتماعية الموجودة بين القرود التي تعيش على الأرض. وعلى سبيل المثال، يعيش معظم أنواع قرود الغينون، وقرود المنغابي فوق الأشجار في مجموعات وحيدة الذكر. والذكر المكتمل النمو هو زعيم المجموعة ولكن زعامة ذلك القائد ضعيفة جدًا، حيث إنه لا يهيمن تمامًا على نشاطات أفراد مجموعته من حيث إن الإناث المكتملة النمو في المجموعة قد تتزاوج مع ذكور أخرى. كما قد يغادر بعض أفراد مجموعته المجموعة وقد ينضم إليها أعضاء جدد. ولكن القرود التي تعيش على الأرض، بما في ذلك معظم أنواع قرود الرباح، تعيش في مجموعات ذات تنظيم اجتماعي محكم. ومن ذلك أن مجموعات قرود الرباح متعددة الذكور مجموعات مغلقة تمامًا من حيث إن القليل جدًا من الأفراد قد يغادر أو ينضم إلى المجموعة. وكذلك تضبط العديد من الذكور السائدة في المجموعة تحركات أفراد المجموعة وتفض المشاجرات بينها وتعاقب المخطئ وتحمي المجموعة من الأعداء، وكذلك تمنع الذكور الأخرى في كثير من الأحيان من التزاوج بالإناث.

قرد الريص، الذي يعيش في الهند في مجموعات صارمة التنظيم مثله مثل القرود التي تعيش على الأرض، يعتمد على تنظيمه الدقيق في الدفاع عن النفس.
يعتقد العلماء أن ضعف الروابط الاجتماعية بين قرود الأشجار سببه الأمان الكبير الذي تهيئه لها الأشجار التي تعيش فوقها. فتلك القرود تعيش في أمان أكثر من القرود التي تعيش على الأرض، ولديها أعداء أقل كثيرًا من أعداء قرود الأرض، حيث إن قرود الأشجار ليس لها عدو أخطر من النسور التي تقتل الصغار والكبار بوساطة مخالبها القوية ؛ عدا ذلك فليس لديها أي عدو خطر آخر. أما قرود الأرض فلديها العديد من الأعداء من بينها الفهود والضباع وبنات آوى والنمور والأسود. علاوة على ذلك فإن قرود الأرض تقضي أوقاتًا طويلة بحثًا عن الغذاء في مناطق ليس بها أشجار قريبة تهرب إليها للحماية عند الخطر ؛ ولذا يجب عليها أن تكون منظمة تنظيمًا دقيقًا وصارمًا تحت قيادة زعماء أقوياء حتى تستطيع الدفاع عن أنفسها عند الخطر. فهي غالبًا تدافع عن أنفسها بتهديد أعدائها، فلو تسلل فهد مفترس نحو مجموعة من قرود الرباح مثلاً، فإن زعماء تلك المجموعة تجتمع وتتقدم لمواجهة الخطر، فيبرز كل واحد منها أنيابه الضخمة ويبدأ في الصياح بهدف إخافة الفهد المهاجم ليتراجع عن المجموعة. فإن لم يجد ذلك ؛ فلا مناص من هجوم زعماء المجموعة عليه.

الاتصالات:

تتصل القرود فيما بينها بطرق عدة ؛ فمثلاً يهدد ذكر قرد الريص السائد أفراد مجموعته بأن يُحَدِّقَ نحوها بشدة وهو فاغر فمه ومكشر أنيابه الكبيرة ومحرك رأسه لأعلى وأسفل حركات سريعة وضارب الأرض بيديه. ويساعد تنظيف الفراء وهندمتها الجماعية بين قرود الرباح على تقوية أواصر الصداقة والمحبة بين أفراد المجموعة ؛ فعندما ينظّف أحدها فرو الآخر ويهندمه ؛ يجد كلاهما راحة نفسية كبيرة في ذلك الفعل. لذلك فإن قرود الرباح عادة ما تمضي ساعات طويلة من يومها ينظف فيها كل منها فرو الآخر ويهندمه.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية