الرئيسيةبحث

الجمل ( Camel )



الجمال وسيلة النقل والترحال في الصحراء. كما أنها تشكل مصدرًا للغذاء لطيب لحومها، وحليبها الغني بالبروتين، ومصدرًا للصوف الذي يؤخذ من وبرها ثم يتم نسجه لصنع الملابس والخيام والبسط، بالإضافة إلى أنها وسيلة تسلية ورياضة في الاحتفالات والسباقات.
الجَـمَــل حيوان ضخم الجثة، قوي الجسم يعيش في الصحراء. ويمكنه السفر إلى مسافات بعيدة عبر الصحاري الحارة الجافة المحرقة مكتفيًا بالقليل من الماء والطعام. وتسير الجمال فوق الرمال الناعمة بيسر وخفة. هذا بالإضافة إلى أنها تستطيع نقل الأثقال والأمتعة من مكان إلى آخر حيث تنعدم الطرق، ويصعب الترحال. كذلك فإن الجمال تساعد الإنسان الذي يعيش في الصحراء في كثير من أوجه الحياة الأخرى.

ومن مميزات الجمل أنه يحمل طعامه في نسيج سنام ظهره، إذ يخزن فيه كميات من الغذاء في شكل الدهن الذي يتكون منه السنام. ومن هذا السنام يجد الطاقة اللازمة له متى تعذَّر وجود الطعام.

وهناك نوعان من الجمال في العالم: أحدهما الجمل العربي ذو السنام الواحد، والنوع الثاني هو الجمل ذو السنامَيْن. وكان الناس في الماضي يستخدمون نوعًا هجينًا من هذين النوعين في آسيا على نطاق واسع. وكان لهذا النوع الهجين من الجمال سنامان أحدهما أكبر من الآخر، كما أنه كان أكبر جسمًا، وأكثر قوة من كلا النوعين المعروفين اللذين انحدر منهما.

نجح الإنسان في استئناس الجمل قبل عدة آلاف من السنين، ومن المعتقد أن الجمال العربية لم تكن أليفة قبل بضعة آلاف سنة، بل كانت حيوانات برية في شبه الجزيرة العربية. ويبلغ عدد الجمال العربية اليوم بضعة ملايين جمل تعيش مع رجال الصحراء في كل من آسيا وإفريقيا. وربما ظهرت الجمال الأولى في منغوليا وتركستان حيث مازال بعضها يجوب أنحاء تلك البلاد، وأصبحت الملايين منها تعيش أليفة في أنحاء كثيرة من آسيا.

هناك من الباحثين من يرى أنه كانت تعيش في أمريكا الشمالية بعض الحيوانات من فصيلة الجمال قبل 40 مليون سنة. وقبل حلول العصر الجليدي كان الجمل قد أصبح فصيلة متميزة عن غيره، كما أنه أخذ في الهجرة عبر ألاسكا إلى آسيا. وفي آسيا انفصلت مجموعتان ثم أصبحتا تدريجيًا النوعين الرئيسيين المعروفين اليوم. وفي الوقت نفسه فقد تحركت بعض الجماعات الصغيرة من فصائل الجمال جنوبًا من أمريكا الشمالية والجنوبية. واليوم تعيش أربع فصائل من أسرة الجمال في جنوب أمريكا، وهي: 1الألبكة 2- الغوناق 3- اللاما 4- الفكونة. وعندما وصل الأوروبيون إلى أمريكا الشمالية كان واضحًا أن الجمال قد اختفت من تلك البقاع منذ آلاف السنين ولم تعد منها بقية باقية، ولا يعرف أحد كيف اختفت من هناك.

أخذ أول جمل عربي إلى أستراليا عام 1840م. وقد شارك هذا الجمل السيئ الحظ في حملة أرسلت إلى المناطق الشمالية من جنوبي أستراليا، ولكنه قضى نحبه بعد أن تسبب في قتل صاحبه عن غير قصد. ثم حدث فيما بعد أن جُلبت أعداد كبيرة من هذا النوع من الجمال إلى أستراليا لاستخدامها في بعض الاستكشافات وأعمال المحطات في الأراضي الجرداء. ومازال هناك نحو 15,000 جمل تعيش حياة برية في مناطق أستراليا الصحراوية.

الناس والجِمَال

قطيع من الجِمال العربية بالقرب من بقيق في المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية.
يعتمد الملايين من الناس الذين يعيشون في آسيا وإفريقيا على الجمل في قضاء معظم حاجاتهم اليومية. ففي الأراضي التي تقع على حافة الصحاري، يستخدم الجمل في جرّ المحاريث لإعداد الأراضي الزراعية وتجهيزها. كما يستفاد منه أيضًا في السواقي لري الحقول، وحمل الغلال للأسواق. أما في أعماق الصحاري فإن الجمال هي الوسيلة الوحيدة لنقل الأطعمة والملابس والأغطية. وفي المقابل فإن الجمال في حاجة إلى الناس لمدّها بالماء من الآبار حتى تعيش خلال فترة الصيف الحارة.

وتؤدي الجمال أعمالاً شاقة للناس، غير أن سلوكها لايمكن التكهن به، وقد يبصق الجمل ذو السنامين على الناس، كما أن كافة الجمال ترفس بأرجلها. وقد تئن الجمال وتتأوه عندما يبدأ الناس في وضع أحمالهم عليها، وتؤمر بالوقوف على أرجلها. ولكنها على العموم تحمل أثقالاً يصل وزنها في العادة إلى 150كجم لمدة ثماني ساعات. وللجمال القدرة على حمل ثقل أكثر وزنًا، ولكنها لا تقبل ذلك إلا مرغمة. وتعمل الجمال عادة ستة شهور في السنة، فإذا أجبرت على المزيد من العمل فإنها تنفق من فرط الإعياء.

والجمال مصدر مهم للغذاء لسكان الصحاري. فالناس هناك يأكلون لحومها رغم أنها قد تكون أحيانًا صعبة المضغ. وإضافة إلى ذلك فهم يذيبون بعض الشحم الذي يأخذونه من السنام ويستعملونه في الطهي. ويشرب الناس لبن الإبل ويصنعون منه الجبن.

ويوفر الجمل الصوف والجلد لصنع الملابس وبيوت الشعر، ويقوم أصحاب الجمال بنسج وبرها الناعم ويعملون منه أغطية صوفية ناعمة دافئة. ويُفضَّل وبر الجمل ذي السنامين الطويل، على غيره في نسيج الملابس الصوفية. كما يستعمل العرب هذا الصوف في عمل أخبيتهم. وإضافة إلى ذلك فإن صوف الجمال يُصدّر إلى كثير من أنحاء العالم لتصنع منه الأغطية الصوفية، والمعاطف والملابس.

ومن جلد الجمل القوي المتين تصنع الأحذية والحقائب والسروج. ومن الناس من ينحت عظام الجمال الجافة، كما يفعلون بالعاج، ويصنعون منها بعض أنواع الحلي والأواني. ويستفاد من روث الإبل كوقود بعد أن يجف.

جسم الجمل

الهيكل العظمي للجمل
يبلغ ارتفاع الجمل عند الكتف ما بين 1,8م ومترين. ويتراوح وزنه بين 250 و680كجم. ويبلغ طول ذيله نحو 50سم. وتظهر الجمال بحجم أكبر من حجمها الحقيقي بسبب وبرها السميك ذي اللون البني المتدرج من اللون الأبيض تقريبًا إلى الأسود. ويلاحظ أن وبر الجمل العربي قصير، ويساعده هذا على وقاية جسمه من الحرارة. أما وبر الجمل ذي السنامين فهو طويل، وقد يصل طوله إلى نحو 25سم وذلك عند رأسه وعنقه وسنامه.

تفقد كل الجمال وبرها في فصل الربيع، فتبدو نحيلة غير أنها سرعان ما تكتسي وبراً سميكًا جديدًا في فصل الخريف بعد ذلك.

وفي صدور الجمال ومفاصل سيقانها بقع صلبة عارية من الوبر، وتبدو كأجزاء من الجسم تحاتَّ منها الصوف إلاّ أنها في واقع الأمر، طبيعية، وليست من علامات التحاتّ، بل إنها توجد حتى في الجمال الحديثة الولادة. ولكن عندما يبلغ الجمل الشهر الخامس من عمره فإن هذه الأماكن تكتسي بجلد سميك قوي.

أجفان البعير السميكة تساعده في حجب عينيه عن الشمس. وبإمكانه أيضًا قفل فتحتي أنفه وزم شفتيه بإحكام ليحمي نفسه من العواصف الرملية.

رأس الجمل:

للجمل عينان واسعتان على جانبي رأسه. ولكل عين رموش مقوسة تقي العينين من الرمال، وعندما تعلو الشمس فإن الجفون الكثيفة الشعر تقي العيون من شمس الصحراء ولا تسمح بدخول ضوء زائد عن الحد. وهناك بعض الغدد التي تزود العيون بكميات كبيرة من الدموع لتبقي عليها رطبة. وفي موضع خلفي عند منتهى الرأس، نجد آذان الجمل القصيرة المستديرة يغطيها شعر يصل إلى داخلها ويساعد الجمل على وقاية أذنيه من رمال الصحراء وغبارها. وللجمل حاسة سمع قوية، ولكنه كالحمار كثيرًا ما يتجاهل الأوامر التي تلقى عليه.

وللجمل فم كبير و34 سنًا قوية حادة. وباستطاعته استعمال هذه الأسنان كسلاح. وبإمكان صاحب الجمل أن يغطي فم الحيوان بكمامة ليمنعه من العض، غير أن الجمل الذي يستخدم في الأشغال المختلفة لا يمكن أن يُلبس مكبحًا كما يُفْعَلُ مع الحصان ؛ لأن فم الجمل يجب أن يبقى بدون أي نوع من القيود حتى يتمكن من الاجترار. ولذلك فإن الناس يربطونه بحبل في خطمه (أنفه) وذلك لاقتياده بدلاً من اللجام.

قطعان من الجمال ذوات السنامين ترعى في صحراء جوبي. وهي دوابٌّ قوية تستطيع حمل أوزان ثقيلة لمسافات طويلة فوق الجبال الصخرية ذات الطرق الوعرة

سنام الجمل:

يتكون سنام الجمل في معظمه من الشحم. وهناك ألياف قوية تحفظ الشحم وتكوِّن السنام في ظهر الجمل. وقد يصل وزن سنام الجمل الممتلئ صحة والذي أحسنت تغذيته أكثر من 35كجم.

ومعظم الحيوانات تختزن الشحم في أجسامها، ولكن الجمال وحدها التي تختزن معظم شحمها في سنامها. وإذا عز الحصول علي طعام فإن الشحم الذي في السنام يزود الجمل بالطاقة التي قد يحتاج إليها. وإذا مرّ الجمل بفترة جوع فإن حجم سنامه يتقلص، بل قد ينزلق هذا السنام من ظهر الجمل، ويتدلى على أحد جنبيه. ولكن بعد أن يأخذ قسطًا من الراحة، ويتناول طعامًا كافيًا لمدة أسابيع ؛ فإن هذا السنام يشتد وينتصب، ويقف بثبات على ظهر الجمل الذي يبدو بدينًا مرة أخرى.

الأرجل والأقدام:

للجمل أرجل طويلة قوية. وتساعد العضلات القوية التي في الجزء العلوي من أرجل الجمل على حمل الأثقال لمسافات طويلة. ويستطيع الجمل أن يحمل ما يصل إلى 450كجم، ولكن الحمل المعتاد يبلغ نحو 150كجم. وعندما تستخدم الجمال في بعض الأشغال فإنها تقطع عادة نحو 40كم في اليوم بسرعة 5كم في الساعة.

والجمال عادة تسير، خاصة في الطقس الحار. ولكن إذا أجبرت على الإسراع فإنها إما أن تعدو أو تَخدُ. والوخد هو سرعة متوسطة ترتفع فيها الرجلان اللتان عل جانب واحد وتطآن الأرض في نفس الوقت. هذا العمل الذي تقوم به الأرجل يحدث تأرجحًا، وحركة تدفع بالراكب إلى الأمام وإلى الخلف. ويحدث لبعض راكبي الجمال دوار كدوار البحر. ويلقب الجمل سفينة الصحراء.

أما المواطن الجلدية القوية من الجسم التي على أرجل الجمل، فإنها بمثابة الوسادات التي تساعد الجمل عندما ينيخ. ويثني الجمل رجليه الأماميتين ثم ينزل على ركبتيه، ثم يثني رجليه الخلفيتين ويهبط إلى الأرض. وعند الوقوف يقيم رجليه الخلفيتين ثم ينتفض إلى أعلى برجليه الأماميتين. ويمكن للجمل أن يبرك وأن ينهض مرة أخرى وهو يحمل حملاً ثقيلاً على ظهره.

وللجمل إصبعان في كل قدم. وهناك حافر يشبه ظفر إصبع القدم ينمو في كل إصبع. وتسير الأبقار والجياد وغيرها من الحيوانات على حوافرها، ولكن الجمال تسير على أخفافها العريضة التي تصل بين إصبعيها الطويلتين. ويمتد خف ا لجمل عندما يطأ الأرض، وتتسع دائرته. وتساعد الأخفاف الجمل على تثبيت أقدامه في الرمال كما تفعل أحذية الجليد التي تساعد في تثبيت أقدام صاحبها. وعندما يسير الجمل أو يعدو لا تكاد أخفافه تحدث صوتًا.

حياة الجمل

الحُوار (وهو ماتدعوه به العرب عند ولادته) وقد غطى جسمه وبر كثيف.

الصغار:

تلد الناقة حوارا واحدًا بعد فترة حمل قد تصل إلى 13 شهرًا. وتُفتح أعين الحُوار، وقد غُطِّي جسمه بوبر كثيف. ويستطيع الحوار أن يجري على قدميه بعد سويعات من ولادته. كما أنه يستطيع نداء أمه بصوت قريب من صوت الحملان. ويعيش الحوار الصغير مع أمه لعدة سنوات ما لم يتم فصله عنها. فإذا فصل عن أمه فهو فصيل.

يُسمّى الصغير قَـعُودًا فإذا بلغ السادسة من عمره فهو جَمَل. وعندما يبلغ سنة من العمر يبدأ صاحبه في تعليمه كيف يستجيب لأوامره حين يريده أن يبرك أو ينهض. وفي هذه السن أيضًا يُعَوَّد القَعود على حمل السرج أو بعض الأحمال الخفيفة. ويزداد حجم هذه الأحمال ووزنها تدريجيًا كلما كبر القعود. وعندما يبلغ الجمل الخامسة من عمره يستطيع أن يحمل كامل الحمولة التي تطلب منه عند اكتمال نموه.

الغذاء:

تستطيع الجمال العيش لأيام وربما لأسابيع بقليل من الطعام والماء أو بلا شيء على الإطلاق. ويطعم سكان الصحاري جمالهم التمر والحشائش والحبوب مثل القمح والذرة والشعير. وفي حدائق الحيوان تعطى الجمال الكلأ والحبوب الجافة بمعدل 3,5 كجم من كل نوع في اليوم. وعندما يسافر الجمل عبر الصحاري، يصعب الحصول على الطعام، وعندها عليه أن يعيش على ورق الشجر الجاف والبذور وأي نبات صحراوي يجده أمامه. وباستطاعة الجمل أن يأكل الأغصان ذات الشوك دون أن تضرَّ بفمه، لأن بطانة فمه قوية إلى درجة أن الأشواك الحادة لا تستطيع اختراقها. وإذا أصبح الطعام نادرًا فبإمكان الجمل حينئذ أن يأكل أي شيء مثل العظام والسمك واللحم والجلد، حتى خيمة صاحبه.

لا يمضغ الجمل طعامه جيدًا قبل ابتلاعه إذ إن لمعدته ثلاثة أقسام يخزن في أحدها الأطعمة التي لم تمضغ جيدًا، ويعاد هذا النوع من الطعام غير المهضوم فيما بعد للفم في شكل كرات، ثم يبدأ الجمل في مضغها وبلعها، ثم تذهب إلى بقية أقسام المعدة حتى تهضم تمامًا. وتُسمّى الحيوانات التي تتغذى بهذه الطريقة: مثل الغزلان والبقر والجمال وغيرها بالحيوانات المجترة.

الشرب:

للجمل قدرة على العيش بدون ماء لمدة أيام بل شهور. وتختلف كمية المياه التي يشربها الجمل باختلاف فصول السنة والطقس. فالجمال تحتاج إلى ماء أقل في الشتاء حيث يكون الجو باردًا، والنباتات التي يقتاتها تحتوي على ماء أكثر من النباتات الصيفيّة. وتستطيع الجمال التي ترعى في الصحاري أن تقضي الشتاء كله دون أن تشرب ماءً. وقد ترفضه إذا قدّم لها. غير أن الجمل يستطيع أن يشرب ما يبلغ مقداره نحو 200 لتر، وهذه الكمية لا تخزن في جسم الجمل ولكنها تحل محل الماء الذي سبق أن فقده الجسم.

يحتاج الجمل إلى ماء قليل كل يوم إذ إنه يجد الماء في بعض طعامه الرطب. كذلك فإنه يحتفظ بمعظم كميات المياه في جسمه، والجمل يختلف عن كثير من الحيوانات الأخرى في أن هذه الحيوانات تعرق عندما ترتفع درجة حرارة الجو، ويتبخر ذلك العرق ويجعل جلدها باردًا. بيد أن الجمال لا تعرق كثيرًا ولذلك فإن درجة حرارة جسمها ترتفع إلى ما يقرب من نحو 6 درجات مئوية أثناء حرارة النهار، ثم تبرد ليلاً. وارتفاع درجة حرارة الإنسان درجة مئوية واحدة أو اثنتين دليل على مرضه.

وفي الأيام الشديدة الحرارة، فإن الجمل يعمل على تخفيف حرارة جسمه بقدر الإمكان، بالخلود إلى الراحة بدلاً من اللجوء إلى الطعام. وقد يرقد في مكان ظليل أو يواجه أشعة الشمس بوجهه حتى لا يتعرض سوى جزء يسير من جسمه لحرارة الشمس وأشعتها. وقد تطرد مجموعة من الجمال الحرارة بأن يضغط بعضها بعضًا لأن درجة حرارة أجسام الجمال تكون أقل من درجة حرارة الجو.

الجمل عند العرب

سباقات الهجن تقيمها بعض الدول العربية بصورة دورية. ويرى في الصورة متسابق يسوق جمله نحو خط النهاية.

أسماء الجمل:

للجمل عند العرب مكانة خاصة أفردوا لها كثيرًا من الاهتمام في حياتهم اليومية، وفي لغتهم وأشعارهم. وقد خصصوا للجمل العديد من الأسماء. فولد الناقة من حين يوضع إلى أن يفطم أو يفصل يقال له حُوار فإذا فُصل عن أمه فهو فصيل. والقعود من الإبل ما أمن أن يركب، وأدناه أن تكون له سنتان، ويستمر كذلك حتى يُثّني ويدخل في السنة السادسة وعندها يقال له جمل. وهذا يعني أن لفظة الجمل تطلق على ذكر الإبل الذي بلغ السادسة من عمره وأصبح دابة مكتملة في جسمها وقوتها.

والقعود الذكر تقابله من إناث الإبل القَلُوص. ويُركب كل من القعود والقلوص متى بلغ أحدهما سنتين من العمر.

والبعير إذا استكمل السنة الثامنة وطعن في التاسعة وفطر نابه، فهو حينئذ بازل وكذلك الأنثى بغير تاء جمل بازل وناقة بازل. وسُمي البازل من البزل، وهو الشقّ وذلك أن نابه إذا طلع يقال له بازل لشقه اللحم عن منبته شقّاً.

الجمل في الأمثال:

كانت العرب تعتبر الإبل من أهم ما يقتنيه الناس، ولذلك كانوا يهتمون بها وبتربيتها. وإذا أغار بعضهم على بعض استولى على إبل الآخرين وساقها أمامه بعيدًا عنهم. وكان أصحاب الإبل يسرعون للحاق بالمغير واسترداد الإبل منه. وقد جاءت بعض الأمثال العربية في هذا الشأن إذ قيل في أمثالهم: ¸أوْسَعْتهم سبًّا وأَوْدوا بالإبل·. ويضرب هذا المثل عندما يخاف صاحب الإبل من المغيرين، فيسوقون إبله، ويقف هو على رابية ويوسعهم شتمًا وسبابًا دون أن يعدو بفرسه خلفهم لقتالهم خوفًا من العاقبة.

ومن بين الأمثال العربية عن الإبل ما يردّدونه حين لا يعنيهم الأمر فيقولون: ¸هذا أمرٌ لا ناقة لي فيه ولاجمل· كما جاء في قول الطغرائي:

فيمَ الإقامةُ بالزَوْراءِ لا سَكنِي فيها ولا ناقَتي فيها ولا جَمَلي

وهذا يقصد به أن الأمر لا يعنيه. وانتشر مثل عربي على لسان العامة في كثير من الأقطار العربية عن اعوجاج عنق الجمل فيقولون ما معناه بأن الجمل لا يرى اعوجاج رقبته. وهو مثل شائع في شرقي البلاد العربية وغربيها، ويقصد به أن الإنسان لا يعرف عيوب نفسه.

ومن الأمثال التي قيلت في الإبل ما جاء في قول الحجاج بن يوسف لأهل العراق ¸ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل·. وغرائب الإبل يقصد بها الإبل الغريبة التي تحاول الشرب من ماء أعدّه أحدهم لإبله خاصة، فيحاول صدّها وعند إصرارها يضربها ضربًا مبرِّحًا دون شفقة. وقد أصبح هذا القول مثلاً يتحدث به كل لسان لإظهار مدى العقوبة التي ستُوقَّع على من يتعدى على حقوق الآخرين.

كان الجمل يشكل أحد مقومات الحل والترحال في المجتمعات العربية السابقة.
استعمل العرب في الماضي الإبل في سفرهم في الصحراء، ولايزال الطوارق يسافرون على ظهور إبلهم.

الجمل وسيلة نقل:

اشْتهرت الجمال خاصة في البلاد العربية بنقلها الأحمال، وسيرها من بلد إلى بلد في قوافل يجتمع فيها عدد من الجمال. وكانت أهم هذه القوافل تلك التي تسير من جنوب الجزيرة العربية إلى مكة المكرمة ومن هناك إلى بلاد الشام، وهما الرحلتان اللتان عرفتا برحلتي الشتاء والصيف. وقد كانت الإبل تربط العالم بالتجارة، وتمد الناس بما يحتاجونه في كل أمة من الأمم بل كانت وسيلة حجاج بيت الله الحرام من كل حدب وصوب. ولعل الجمل سُمي بسفينة الصحراء بسبب ما كان ينقله من سلع تجارية عبر الجزيرة العربية وصحرائها.

الجمل في الشعر العربي:

لما كانت قوافل الإبل تقطع مسافات طويلة في أسفارها شمالاً وجنوبًا، وشرقًا وغربًا في أجواء مختلفة، فقد لجأ رواد القوافل إلى أن يكون من بينهم حداة الإبل، وهم أولئك الذين يغنون للإبل لحثها على السير دون شعور بالتعب والملل. وهذا الحداء جعل بعض كتاب الأدب وخاصة الشعر يرون أن أصل الشعر الحداء قالوا الشعر لأنهم (أي العرب) كانوا في حاجة إلى نظم كلام مقفَّى يُغَنَّى به فيُشجي النفس، ويأخذ بقلوب إبل القافلة، ويستحثها على المزيد من توسيع الخطو. فالإبل لذلك من بين المؤثرات التي جعلت العرب ينظمون الشعر ويتغنون به على حد قول بعض مؤرخي الأدب العربي.

ومما جاء في الشعر العربي من قول حول الإبل، يلاحظ أنهم كانوا يفضلون السفر على ظهور النوق أكثر من ركوب الجمال. والنبي ﷺ دخل المدينة المنورة وهو على قلوص. وكان يقول: (دعوها فإنها مأمورة ) حتى أناخت عند دار أبي أيوب الأنصاري. وكانت المهور في الجاهلية تدفع بالنياق. وللناقة فائدة كبيرة هي أنها تنجب إبلاً من ذكور وإناث فتزداد ثروة صاحبها. أما الجمال فأهميتها تنحصر في حمل الأثقال والبضائع من بلد إلى بلد. أما في الإسلام فقد وضع أساس الدية على الإبل أيضًا.

وفي الدولة الإسلامية، كان العرب يجدون في إبلهم أفضل وسيلة للسفر. فإذا ضاق المرء بمكان ما أسرج ناقته، وضرب في الأرض مشرِّقًا أو مغرِّبًا. ومن بين هؤلاء الذين كانوا يضربون في الأرض على نياقهم الشاعر المتنبي، فقد أخذ يصف حاله وناقته قائلاً:

لولا العلا لم تجب بي ما أجوب بها وجناء حرف ولا جرداء قيدود

وكانت الإبل هي وسيلة السفر التي ساعدت الدولة الإسلامية منذ أول عهدها على اتصال بعض أنحائها ببعض، وظلت عنصرًا مهمًا للارتباط حتى العصور الحديثة.

يرى بعض الباحثين في الآثار والتاريخ أن الإبل في الجزيرة العربية استؤنست قبل عشرة آلاف سنة. وأنها استخدمت في الترحال والأسفار والنقل. واعتمد عليها العرب في مأكلهم ومشربهم وملبسهم ومأواهم. ولذلك أضحت ذات نفع كبير لهم. وهذا جعلهم يعتنون بها وبصحتها. وعرفوا من دراستهم لها بعض أمراضها وأهمها الجرب الذي يصيب جلودها. واكتشفوا أن خير وسيلة للتخلص من الجرب هو طلاء المصابة بالقار. وقد ورد طلاء الإبل بالقار في بعض أشعارهم، كما كانوا يعزلون الحيوان المصاب حتى لا يعدي الحيوانات الأخرى. وجاء ذلك أيضًا في شعرهم إذ قال قائلهم:

واحذر مؤاخاة اللئيم فإنه يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ

كانت العرب تخاطب مطاياها من الإبل وتبدي لها الاحترام اللازم، والتقدير لما كانت تؤديه لهم من خدمات. وكانوا يَعِدُون نياقهم بالخير الوفير إذا ما أوصلتهم إلى الممدوح الذي يقصدونه للحصول على عطاياه. وهذا الشاعر الأعشى يقول عن ناقته حين عزم على لقاء النبي ﷺ:

فآليت لا أرثي لها من كَلالة ولا من حَفىً حتى تلاقي محمدًا
نبيٌّ يَرى ما لا ترون وذكره أغار ـ لعمري ـ في البلاد وأنجدا
متى ما تنُاخَيْ عند باب ابن هاشم تُراحَيْ وتَلْقَيْ من فواضله يدا

هودج محمول على بعير يمثل كيف كانت العروس تزف إلى عريسها.

مكانة الجمل عند العرب:

مما يروى أيضًا عن العلاقة بين العربي والناقة ما تناقلته الرواة من أنه كانت هناك قبيلة عربية تعرف باسم بني أنف الناقة. ولكن انقلب هذا الاسم وبالاً عليها، فأصبح الناس يسخرون منه ومن القبيلة. وحين زار القبيلة ذات مرة الشاعر العربي الهجَّاء الحطيئة، أكرموه غاية الإكرام، وأجزلوا له العطاء خوفًا من هجائه. وسُرّ الحطيئة بما لقي من كرم الضيافة، وكأنه عرف ما يجده مضيفوه من أذى لاسمهم الذي عرفوا به فنظم أبياتًا في مدحهم قال فيها وهو يخاطب ناقته:
سيري أُمامَ فإن الأكثرين حصى والأكرمين إذا ما ينسبون أبا
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ومن يسوِّي بأنف الناقة الذنبا

ويضيف رواة العرب بأن بني أنف الناقة منذ ذلك التاريخ أصبحوا إذا سئلوا عن نسبهم يقولون بأنهم من بني أنف الناقة وهم شامخو الأنوف.

وكانت الإبل من الدواب التي استغلها بعض الأقدمين في حروبهم، ومن هؤلاء قبائل البجة الذين يسكنون شمال شرقي السودان على البحر الأحمر. ففي عام 255هـ، 868م اشتعلت الحرب بين هؤلاء البجة وبين المسلمين في تلك الصحراء لاختلاف على تعدين الذهب واستخراجه. فأرسل الخليفة المتوكل العباسي محمدًا القمي أحد أحفاد أبي موسى الأشعري بجيش من المسلمين لقتال القبائل البجاوية المعارضة. وكان البجة قد استعدّوا للحرب على ظهور النجب وهي الإبل، وكان يقال لها أيضًا الصحب. فقلَّد محمد القمي خيله الأجراس، وزود بعض جيشه بالطبل الكبير، وهجم على البجة وهم على جمالهم بأصوات الأجراس المجلجلة، والطبل االمدوّي، فنفرت جمال البجة، وذعرت، وتفرقت في الوديان وهي لا تلوي على شيء خوفًا من تلك الأصوات التي أرعبتها.

ومازال بعض الجمال التي لا تعيش في المدن، أو التي لم تألف العيش مع السيارات تخشى هذه الآلات، وتنفر منها، وتجري مذعورة وترمي براكبها لأنها تفقد سيطرتها على نفسها.

وقد دأبت بعض الدول العربية التي تحتفظ بتراثها من الإبل على إعداد بعض السباقات السنوية بين الهجن في احتفالات مهيبة يحضرها الكثير من الناس، ويستمتعون برؤيتها، ويعيشون لحظات تعيد لهم صورة ماضيهم الغني بالمآثر العظيمة.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية