→ وفد بني سعد | البداية والنهاية – الجزء الخامس وفد السباع ابن كثير |
فصل ذكر وفود الجن بمكة قبل الهجرة ← |
حدثني: شعيب بن عبادة عن عبد المطلب بن عبد الله بن حنظب قال: بينا رسول الله ﷺ جالس بالمدينة في أصحابه أقبل ذئب، فوقف بين يديه فعوى.
فقال رسول الله ﷺ: «هذا وافد السباع إليكم، فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا لا يعدوه إلى غيره، وإن أحببتم تركتموه وتحذرتم منه، فما أخذ فهو رزقه».
قالوا: يا رسول الله ما تطيب أنفسنا له بشيء، فأومأ إليه النبي ﷺ بأصابعه الثلاث أي: خالسهم فولى وله عسلان.
وهذا مرسل من هذا الوجه.
ويشبه هذا الذئب الذئب الذي ذكر في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أنبانا القاسم بن الفضل الحداني عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: عدا الذئب على شاة فأخذها، فطلبها الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه.
فقال: ألا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله إلي.
فقال: يا عجبا، ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس.
فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد رسول الله ﷺ بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق.
قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة، فزاواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله ﷺ فأخبره، فأمر رسول الله ﷺ فنودي: الصلاة جامعة، ثم خرج، فقال للأعرابي: «أخبرهم»، فأخبرهم.
فقال رسول الله ﷺ: «صدق والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وتكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، وتخبره فخذه بما أحدث أهله بعده».
وقد رواه الترمذي: عن سفيان بن وكيع بن الجراح، عن أبيه، عن القاسم بن الفضل به.
وقال: حسن غريب صحيح، لا نعرفه إلا من حديث القاسم بن الفضل به، وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث.
وثقه يحيى وابن مهدي.
قلت: وقد رواه الإمام أحمد أيضا: حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب - هو ابن أبي حمزة - حدثني عبد الله ابن أبي الحسين، حدثني مهران، أنبأنا أبو سعيد الخدري حدثه، فذكر هذه القصة بطولها بأبسط من هذا السياق.
ثم رواه أحمد: حدثنا أبو النضر، ثنا عبد الحميد بن بهرام، ثنا شهر قال: وحدث أبو سعيد فذكره.
وهذا السياق أشبه، والله أعلم.
وهو إسناد على شرط أهل السنن، ولم يخرجوه.