→ متى وقع دفنه عليه الصلاة والسلام | البداية والنهاية – الجزء الخامس صفة قبره عليه الصلاة والسلام ابن كثير |
ما أصاب المسلمين من المصيبة بوفاته صلى الله عليه وسلم ← |
قد علم بالتواتر أنه عليه الصلاة والسلام دفن في حجرة عائشة التي كانت تختص بها شرقي مسجده في الزاوية الغربية القبلية من الحجرة، ثم دفن بعده فيها أبو بكر، ثم عمر رضي الله عنهما.
وقد قال البخاري: ثنا محمد بن مقاتل، ثنا أبو بكر ابن عياش عن سفيان التمار أنه حدثه أنه رأى قبر النبي ﷺ مسنما، تفرد به البخاري.
وقال أبو داود: ثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن أبي فديك، أخبرني عمرو بن عثمان بن هاني عن القاسم قال: دخلت على عائشة وقلت لها: يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول الله ﷺ وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء.
النبي ﷺ.
وأبو بكر رضي الله عنه.
وعمر رضي الله عنه.
تفرد به أبو داود.
وقد رواه الحاكم البيهقي من حديث ابن أبي فديك عن عمرو بن عثمان، عن القاسم قال: فرأيت النبي عليه السلام مقدما، وأبو بكر رأسه بين كتفي النبي ﷺ، وعمر رأسه عند رجل النبي ﷺ.
قال البيهقي: وهذه الرواية تدل على أن قبورهم مسطحة، لأن الحصباء لا تثبت إلا على المسطح، وهذا عجيب من البيهقي رحمه الله فإنه ليس في الرواية ذكر الحصباء بالكلية، وبتقدير ذلك فيمكن أن يكون مسنما وعليه الحصباء مغروزة بالطين ونحوه.
وقد روى الواقدي عن الدراوردي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: جعل قبر النبي ﷺ مسطحا.
وقال البخاري: ثنا فروة ابن أبي المغراء، ثنا علي بن مسهر عن هشام، عن عروة، عن أبيه قال: لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه فبدت لهم قدم، ففزعوا فظنوا أنه قدم النبي ﷺ فما وجد واحد يعلم ذلك، حتى قال لهم عروة: لا والله ما هي قدم النبي ﷺ، ما هي إلا قدم عمر.
وعن هشام عن أبيه، عن عائشة أنها أوصت عبد الله بن الزبير: لا تدفني معهم، وادفني مع صواحبي بالبقيع، لا أزكى به أبدا.
قلت: كان الوليد بن عبد الملك حين ولي الإمارة في سنة ست وثمانين قد شرع في بناء جامع دمشق، وكتب إلى نائبه بالمدينة ابن عمه عمر بن عبد العزيز أن يوسع في مسجد المدينة فوسعه، حتى من ناحية الشرق، فدخلت الحجرة النبوية فيه.
وقد روى الحافظ ابن عساكر بسنده: عن زاذان مولى الفرافصة - وهو الذي بنى المسجد النبوي أيام ولاية عمر بن عبد العزيز على المدينة - فذكر عن سالم بن عبد الله نحو ما ذكره البخاري، وحكى صفة القبور كما رواه أبو داود.