→ قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان من سنة تسع | البداية والنهاية – الجزء الخامس موت عبد الله بن أبي قبحه الله ابن كثير |
فصل غزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله عليه السلام ← |
قال محمد بن إسحاق: حدثني الزهري عن عروة، عن أسامة بن زيد قال: دخل رسول الله ﷺ على عبد الله بن أبي يعوده في مرضه الذي مات فيه، فلما عرف فيه الموت قال رسول الله ﷺ «أما والله إن كنت لأنهاك عن حب يهود».
فقال: قد أبغضهم أسعد بن زرارة فمه؟
وقال الواقدي: مرض عبد الله بن أبي في ليال بقين من شوال، ومات في ذي القعدة، وكان مرضه عشرين ليلة، فكان رسول الله يعوده فيها، فلما كان اليوم الذي مات فيه دخل عليه رسول الله ﷺ وهو يجود بنفسه فقال: «قد نهيتك عن حب يهود».
فقال: قد أبغضهم أسعد بن زرارة فما نفعه؟
ثم قال: يا رسول الله ليس هذا الحين عتاب هو الموت، فاحضر غسلي، وأعطني قميصك الذي يلي جلدك فكفني فيه، وصل علي، واستغفر لي، ففعل ذلك به رسول الله ﷺ.
وروى البيهقي من حديث سالم بن عجلان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوا مما ذكره الواقدي، فالله أعلم.
وقد قال إسحاق بن راهويه: قلت لأبي أسامة: أحدثكم عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر قال: لما توفي عبد الله بن أبي ابن سلول، جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله ﷺ وسأله أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه، فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله ﷺ يصلي عليه، فقام عمر بن الخطاب فأخذ بثوبه فقال: يا رسول الله تصلي عليه وقد نهاك الله عنه؟
فقال رسول الله: «إن ربي خيرني فقال: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم وسأزيد على السبعين».
فقال: إنه منافق أتصلي عليه؟
فأنزل الله عز وجل: { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله }. [التوبة: 84] .
فأقر به أبو أسامة وقال: نعم!
وأخرجاه في الصحيحين من حديث أبي أسامة.
وفي رواية للبخاري وغيره، قال عمر: فقلت: يا رسول الله تصلي عليه وقد قال في يوم كذا وكذا، وقال في يوم كذا كذا وكذا!.
فقال: «دعني يا عمر فإني بين خيرتين ولو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت».
ثم صلى عليه، فأنزل الله عز وجل: { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره } الآية.
قال عمر: فعجبت من جرأتي على رسول الله ﷺ، والله ورسوله أعلم.
وقال سفيان بن عيينة: عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول: أتى رسول الله ﷺ قبر عبد الله بن أبي بعد ما أدخل حفرته، فأمر به فأخرج، فوضعه على ركبتيه، أو فخذيه، ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه، فالله أعلم.
وفي صحيح البخاري بهذا الإسناد مثله، وعنده أنه إنما ألبسه قميصه مكافأة لما كان كسى العباس قميصا حين قدم المدينة، فلم يجدوا قميصا يصلح له إلا قميص عبد الله بن أبي.
وقد ذكر البيهقي ها هنا قصة ثعلبة بن حاطب وكيف افتتن بكثرة المال، ومنعه الصدقة، وقد حررنا ذلك في التفسير عند قوله تعالى: { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله } [التوبة: 75] الآية.