→ فصل نزول النبي عليه السلام بالأبطح شرقي مكة | البداية والنهاية – الجزء الخامس فصل قدوم رسول الله منيخ بالبطحاء خارج مكة ابن كثير |
فصل صلاته صلى الله عليه وسلم بالأبطح الصبح وهو يوم التروية ← |
وقدم في هذا الوقت ورسول الله ﷺ منيخ بالبطحاء خارج مكة علي من اليمن، وكان النبي ﷺ قد بعثه كما قدمنا إلى اليمن أميرا بعد خالد بن الوليد رضي الله عنهما، فلما قدم وجد زوجته فاطمة بنت رسول الله ﷺ قد حلت كما حل أزواج رسول الله ﷺ والذين لم يسوقوا الهدي، واكتحلت، ولبست ثيابا صبيغا.
فقال: من أمرك بهذا؟
قالت: أبي.
فذهب محرشا عليها إلى رسول الله ﷺ فأخبره أنها حلت، ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت، وزعمت أنك أمرتها بذلك يا رسول الله.
فقال: «صدقت، صدقت، صدقت».
ثم قال له رسول الله ﷺ: «بم أهللت حين أوجبت الحج»؟
قال: بإهلال كإهلال النبي ﷺ.
قال: «فإن معي الهدي فلا تحل».
فكان جماعة الهدي الذي جاء به علي من اليمن، والذي أتى به رسول الله ﷺ من المدينة واشتراه في الطريق مائة من الإبل، واشتركا في الهدي جميعا، وقد تقدم هذا كله في صحيح مسلم رحمه الله.
وهذا التقرير يرد الرواية التي ذكرها الحافظ أبو القاسم الطبراني رحمه الله من حديث عكرمة عن ابن عباس، أن عليا تلقى النبي ﷺ إلى الجحفة، والله أعلم.
وكان أبو موسى في جملة من قدم مع علي ولكنه لم يسق هديا، فأمره رسول الله ﷺ بأن يحل بعد ما طاف للعمرة وسعى، ففسخ حجه إلى العمرة وصار متمتعا، فكان يفتي بذلك في أثناء خلافة عمر بن الخطاب، فلما رأى عمر بن الخطاب أن يفرد الحج عن العمرة ترك فتياه مهابة لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان عن عون ابن أبي جحيفة، عن أبيه قال: رأيت بلالا يؤذن، ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا، وأصبعاه في أذنه.
قال: ورسول الله ﷺ في قبة حمراء أراها من أدم.
قال: فخرج بلال بين يديه بالعنزة فركزها، فصلى رسول الله ﷺ.
قال عبد الرزاق: وسمعته بمكة قال: بالبطحاء يمر بين يديه الكلب والمرأة، والحمار، وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه.
قال سفيان: نراها حبرة.
وقال أحمد: ثنا وكيع، ثنا سفيان عن عون ابن أبي جحيفة، عن أبيه قال: أتيت النبي ﷺ بالأبطح وهو في قبة له حمراء، فخرج بلال بفضل وضوئه، فمن ناضح ونائل.
قال: فأذن بلال، فكنت أتتبع فاه هكذا وهكذا - يعني: يمينا وشمالا -.
قال: ثم ركزت له عنزة، فخرج رسول الله ﷺ وعليه جبة له حمراء، أو حلة حمراء، وكأني أنظر إلى بريق ساقيه، فصلى بنا إلى عنزة الظهر، أو العصر ركعتين، تمر المرأة والكلب والحمار لا يمنع، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى أتى المدينة.
وقال مرة: فصلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين.
وأخرجاه في الصحيحين من حديث سفيان الثوري.
وقال أحمد أيضا: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة وحجاج عن الحكم سمعت أبا جحيفة قال: خرج رسول الله ﷺ بالهاجرة إلى البطحاء، فتوضأ وصلى الظهر ركعتين، وبين يديه عنزة.
وزاد فيه عون عن أبيه، عن أبي جحيفة: وكان يمر من ورائنا الحمار والمرأة.
قال حجاج في الحديث: ثم قام الناس فجعلوا يأخذون يده فيمسحون بها وجوههم.
قال: فأخذت يده فوضعتها على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب ريحا من المسك.
وقد أخرجه صاحبا الصحيح من حديث شعبة بتمامه.