→ فصل خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر | البداية والنهاية – الجزء الخامس فصل نزوله عليه الصلاة والسلام في منى ابن كثير |
فصل خطبة النبي عليه الصلاة والسلام في ثاني أيام التشريق ← |
ثم نزل عليه السلام بمنى حيث المسجد اليوم فيما يقال، وأنزل المهاجرين يمنته والأنصار يسرته والناس حولهم من بعدهم.
وقال الحافظ البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة، ثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري، ثنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر، عن يوسف بن ماهك، عن أم مسيكة، عن عائشة قال: قيل يا رسول الله، ألا نبني لك بمنى بناء يظلك.
قال: «لا منى مناخ من سبق».
وهذا إسناد لا بأس به، وليس هو في المسند ولا في الكتب الستة من هذا الوجه.
وقال أبو داود: ثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي، ثنا يحيى عن ابن جريج، حدثني حريز، أو أبو حريز الشك من يحيى أنه سمع عبد الرحمن بن فروخ يسأل ابن عمر قال: إنا نتبايع بأموال الناس فيأتي أحدنا مكة، فيبت على المال.
فقال: أما رسول الله ﷺ فبات بمنى وظل.
انفرد به أبو داود.
ثم قال أبو داود: ثنا عثمان ابن أبي شيبة، ثنا ابن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: استأذن العباس رسول الله ﷺ أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له.
وهكذا رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن نمير.
زاد البخاري: وأبي ضمرة أنس بن عياض.
زاد مسلم: وأبي أسامة حماد بن أسامة.
وقد علقه البخاري عن أبي أسامة وعقبة بن خالد، كلهم عن عبيد الله بن عمر به.
وقد كان ﷺ يصلي بأصحابه بمنى ركعتين، كما ثبت عنه ذلك في الصحيحين من حديث ابن مسعود، وحارثة بن وهب رضي الله عنهما.
ولهذا ذهب طائفة من العلماء إلى أن سبب هذا القصر النسك، كما هو قول طائفة من المالكية وغيرهم.
قالوا: ومن قال: إنه عليه السلام كان يقول بمنى لأهل مكة: «أتموا فإنا قوم سفر» فقد غلط، إنما قال ذلك رسول الله ﷺ عام الفتح، وهو نازل بالأبطح، كما تقدم، والله أعلم.
وكان ﷺ يرمي الجمرات الثلاث في كل يوم من أيام منى بعد الزوال، كما قال جابر فيما تقدم: ماشيا، كما قال ابن عمر فيما سلف: كل جمرة بسب حصيات يكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى وعند الثانية، يدعو الله عز وجل، ولا يقف عند الثالثة.
قال أبو داود: ثنا علي بن بحر، وعبد الله بن سعيد المعني قالا: ثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: أفاض رسول الله ﷺ من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها أيام التشريق، يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية فيطيل المقام ويتضرع، ويرمى الثالثة لا يقف عندها.
انفرد به أبو داود.
وروى البخاري من غير وجه عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات، يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم ثم يسهل، فيقوم مستقبل القبلة طويلا ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل فيقوم مستقبل القبلة ويدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها، ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت رسول الله ﷺ يفعله.
وقال وبرة بن عبد الرحمن: قام ابن عمر عند العقبة، بقدر قراءة سورة البقرة.
وقال أبو مجلز: حزرت قيامه بعد قراءة سورة يوسف، ذكرهما البيهقي.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله ابن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي القداح، عن أبيه أن رسول الله ﷺ رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما.
وقال أحمد: ثنا محمد ابن أبي بكر، وأما روح ثنا ابن جريج، أخبرني محمد ابن أبي بكر بن محمد بن عمرو عن أبيه، عن أبي القداح بن عاصم بن عدي، عن أبيه أن رسول الله ﷺ أرخص للرعاء أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر، ثم يدعوا يوما وليلة ثم يرموا الغد.
وقال الإمام أحمد: ثنا عبد الرحمن، ثنا مالك عن عبد الله، عن بكر، عن أبيه، عن أبي القداح، عن عاصم بن عدي، عن أبيه أن رسول الله ﷺ رخص لرعاء الإبل في البيتوتة بمنى حتى يرمون يوم النحر، ثم يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد أو من بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر.
وكذا رواه عن عبد الرزاق عن مالك بنحوه.
وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث مالك، ومن حديث سفيان بن عيينة به.
قال الترمذي: ورواية مالك أصح، وهو حديث حسن صحيح.