→ ذكر إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى البيت العتيق | البداية والنهاية – الجزء الخامس فصل اكتفاء رسول الله عليه السلام بطوافه الأول ابن كثير |
فصل رجوعه عليه الصلاة والسلام إلى منى ← |
ثم إنه ﷺ لم يعد الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية، بل اكتفى بطوافه الأول.
كما روى مسلم في صحيحه من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزبير: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لم يطف النبي ﷺ وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا.
قلت: والمراد بأصحابه هاهنا الذين ساقوا الهدي وكانوا قارنين.
كما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله ﷺ قال لعائشة وكانت أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة: «يكفيك طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة لحجك وعمرتك».
وعند أصحاب الإمام أحمد أن قول جابر وأصحابه عام في القارنين والمتمتعين، ولهذا نص الإمام أحمد على أن المتمتع يكفيه طواف واحد عن حجه وعمرته، وإن تحلل بينهما تحلل، وهو قول غريب مأخذه ظاهر عموم الحديث، والله أعلم.
وقال أصحاب أبي حنيفة في المتمتع كما قال المالكية، والشافعية: إنه يجب عليه طوافان وسعيان، حتى طردت الحنفية ذلك في القارن، وهو من أفراد مذهبهم أنه يطوف طوافين ويسعى سعيين، ونقلوا ذلك عن علي موقوفا، وروى عنه مرفوعا إلى النبي ﷺ، وقد قدمنا الكلام على ذلك كله عند الطواف، وبينا أن أسانيد ذلك ضعيفة مخالفة للأحاديث الصحيحة، والله أعلم.