نكاح المحدثين |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} إلى {المؤمنين}، [قال الشافعي]: اختلف في تفسير هذه الآية فقيل نزلت في بغايا كانت لهن رايات وكن غير محصنات فأراد بعض المسلمين نكاحهن فنزلت هذه الآية بتحريم أن ينكحن إلا من أعلن بمثل ما أعلن به أو مشركا وقيل كن زواني مشركات فنزلت لا ينكحهن إلا زان مثلهن مشرك أو مشركة وإن لم يكن زانيا {وحرم ذلك على المؤمنين} وقيل غير هذا وقيل هي عامة ولكنها نسخت أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال هي منسوخة نسختها {وأنكحوا الأيامى منكم} فهي من أيامى المسلمين.
[قال الشافعي]: فوجدنا الدلالة عن رسول الله ﷺ في زانية وزان من المسلمين لم نعلمه حرم على واحد منهما أن ينكح غير زانية ولا زان ولا حرم واحدا منهما على زوجه فقد أتاه ماعز بن مالك وأقر عنده بالزنا مرارا لم يأمره في واحدة منها أن يجتنب زوجة له إن كانت ولا زوجته أن تجتنبه ولو كان الزنا يحرمه على زوجته أشبه أن يقول له إن كانت لك زوجة حرمت عليك أو لم تكن لم يكن لك أن تنكح ولم نعلمه أمره بذلك ولا أن لا ينكح ولا غيره أن لا ينكحه إلا زانية وقد ذكر له رجل أن امرأة زنت وزوجها حاضر فلم يأمر النبي ﷺ فيما علمنا زوجها باجتنابها وأمر أنيسا أن يغدو عليها فإن اعترفت رجمها وقد جلد ابن الأعرابي في الزنا مائة وغربه عاما ولم ينهه علمنا أن ينكح ولا أحدا أن ينكحه إلا زانية وقد رفع الرجل الذي قذف امرأته إليه أمر امرأته وقذفها برجل وانتفى من حملها فلم يأمره باجتنابها حتى لاعن بينهما وقد روي عنه (أن رجلا شكا إليه أن امرأته لا تدفع يد لامس فأمره أن يفارقها فقال له إني أحبها فأمره أن يستمتع بها) أخبرنا سفيان بن عيينة عن هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال (أتى رجل إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله إن لي امرأة لا ترد يد لامس فقال النبي ﷺ فطلقها قال إني أحبها قال فأمسكها إذا) وقد حرم الله المشركات من أهل الأوثان على المؤمنين الزناة وغير الزناة أخبرنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه أن رجلا تزوج امرأة ولها ابنة من غيره وله ابن من غيرها ففجر الغلام بالجارية فظهر بها حمل فلما قدم عمر مكة رفع ذلك إليه فسألها فاعترفا فجلدهما عمر الحد وحرص أن يجمع بينهما فأبى الغلام.
[قال الشافعي]: فالاختيار للرجل أن لا ينكح زانية وللمرأة أن لا تنكح زانيا فإن فعلا فليس ذلك بحرام على واحد منهما ليست معصية واحد منهما في نفسه تحرم عليه الحلال إذا أتاه قال وكذلك لو نكح امرأة لم يعلم أنها زنت فعلم قبل دخولها عليه أنها زنت قبل نكاحه أو بعده لم تحرم عليه ولم يكن له أخذ صداقه منها ولا فسخ نكاحها وكان له إن شاء أن يمسك وإن شاء أن يطلق وكذلك إن كان هو الذي وجدته قد زنى قبل أن ينكحها أو بعدما نكحها قبل الدخول أو بعده فلا خيار لها في فراقه وهي زوجته بحالها ولا تحرم عليه وسواء حد الزاني منهما أو لم يحد أو قامت عليه بينة أو اعترف لا يحرم زنا واحد منهما ولا زناهما ولا معصية من المعاصي الحلال إلا أن يختلف ديناهما بشرك وإيمان.